العدد 5655
الإثنين 08 أبريل 2024
banner
المرجع الأول لكل المسرحيين على هذه الأرض
الإثنين 08 أبريل 2024

المطلع على أدب ومسرحيات شكسبير يدرك تماما أن من كتبها عقل واع مكتمل المسؤولية إزاء الأدب والفن والمواد العاطفية والثقافية والإنسانية التي تجعل الإبداع الفني ممكنا، وقلم له مبادئ أصيلة لم تتأثر بإغراء أو عاهة ثقافية، ولهذا السبب نرى أن جميع مسرحيات شكسبير كتب لها الخلود لأنها توفرت فيها شروط الفن العبقري، ومن أهمها الوحدة العضوية للعمل الفني، بغض النظر عن الوحدة الميكانيكية التي تفرضها من الخارج قيود الزمان والمكان، ولعل وحدة الحدث خير مفتاح لفهم هذه الوحدة الفنية الضرورية.
ويجدر بنا في هذا الصدد أن نفرق في الحديث بين التراجيديات والكوميديات ونبدأ بالأولى على أساس أنها أصلا مجال الحديث في موضوع الوحدات، والمتأمل في تراجيديات شكسبير الكبرى يدرك أن الشاعر التزم بوحدة الموضوع، وإن لم يلتزم بوحدة الحبكة، والموضوع هو البؤرة التي تتجمع فيها خطوط المأساة متوازية ثم مشتبكة أحيانا ومتعارضة أحيانا أخرى، فلكل مأساة فكرة أو موضوع يعالجه الفنان على عدد من المستويات وفي عدد من الحبكات تقوم بينها حبكة رئيسية تدعمها وقد تعارضها أو تسخر منها حبكات أخرى ثانوية.
ولعل تراجيديات “هاملت والملك لير” خير مثال يوضح هذا الكلام على ما بينهما من اختلاف. ففي هاملت نرى موضوع الموت والعلاقة بين الأب الميت أو الذي يموت أثناء المأساة ينظم الحبكات الثلاث في المسرحية، خط هاملت وأبيه الشبح، وخط لا يرتيس وأبيه بولونيوس، وخط فورتنبراس الأمير الشجاع المطالب بعرش أبيه الميت، والخطان الثاني والثالث ثانويان يخدمان الخط الأول أساسا. أما مأساة الملك لير فيسير الحدث فيها في خطين متوازيين يلتقيان أحيانا ثم يفترقان ليلتقيا ويسيرا معا حتى نهاية.
لا نريد الدخول في تشريح الدراما، لكننا نريد تسليط الضوء على دهاء شكسبير الذي سيبقى المرجع الأول لكل المسرحيين على هذه الأرض.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية