العدد 5648
الإثنين 01 أبريل 2024
banner
“نعمة الأفوكاتو”
الإثنين 01 أبريل 2024

الإيمان بالمهنة وقيمتها من أهم عوامل التمكن والإبداع فيها والتمسك بها وبمبادئها، والعكس صحيح، فنادرًا ما يتميز شخص ما في أي عمل لا يحبه، حيث يتعامل معه وكأنه مفروض عليه، وقد يكتفي في الغالب بأداء واجباته فقط لضمان استمرار وظيفته وراتبه. وهناك مهن تكتسب أهمية خاصة لدورها الخطير والحيوي في أي مجتمع كالدعاة والمدرسين والأطباء والمهندسين وكذلك المحامين الذين يقومون بمهمة عظيمة في رد المظالم وتحقيق الإنصاف والعدالة وحفظ الحقوق وغيرها من الأدوار التي تشكل دعامات قوية لسلامة أي مجتمع.
ورغم التمثيل والأداء الفني المميز للفنانة مي عمر في مسلسل “نعمة الأفوكاتو” الذي انتهت حلقاته مؤخرا، وكيف أنها كمحامية متمكنة من أدواتها القانونية وقادرة على مناطحة الكبار في ساحات المحاكم وكسب القضايا المعقدة وجني الملايين، إلا أن المسلسل وقع في تناقض “قيمي” رئيسي خطير، وهو أن هذه المحامية الماهرة في الدفاع عن الآخرين واسترداد الحقوق بالقانون، تعمد إلى تنحية هذا القانون جانبًا عندما تعلق الأمر بها هي، وسلكت سبلا ألفناها من كبار المجرمين والخارجين على القانون رغم أنها صاحبة حق وقادرة على القصاص من الظالم بأدواتها القانونية. المسلسل بذلك حمل رسالة سلبية وروج لقانون الغاب، وهنا مكمن الخطورة لأنها قد تجعل بعض أفراد المجتمع يفقدون ثقتهم في القانون، وتجعل من الالتفاف والتحايل عليه أمرا طبيعيا. صحيح أنه بالنهاية عمل فني يحرص القائمون عليه على إضافة عناصر التشويق والإثارة لأجل المشاهدة والمكاسب، إلا أن تكرار ذات الرسالة السلبية في العديد من الأعمال الفنية من مسلسلات وأفلام وغيرها، وتعمد إظهار أمثال هؤلاء ممن ينتسبون لمهن مؤثرة ويسلكون خلاف ما تدعو إليه مهنهم، وخلق حالة من الإبهار والالتفاف أو التعاطف المجتمعي معها، أمور يجب الانتباه إليها والتحذير منها والتوقف عنها، خصوصا أن فترات المخالفات والخروج عن القانون تستحوذ على المساحة الأعظم من هذه الأعمال، بينما تكون لحظات الحساب والعقاب سريعة خاطفة لا يتذكرها المشاهد.
كاتب مصري

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية