العدد 5627
الإثنين 11 مارس 2024
banner
“شهر الأبرار لا شهر الفشار”
الإثنين 11 مارس 2024

بنظرة نقدية فاحصة لفلسفة المجتمع في تصوره لواقع الاستهلاك في شهر رمضان المبارك، نجد جليا ضعف الناس أمام التنافس السنوي والتسابق في (الفشار)، ما يزيد الأعباء عاما بعد عام في مجالات متنوعة، بدءًا من إعداد الوجبات اليومية الكثيرة الفائضة عن حاجة الأسرة، والتي ينتهي الحال بمعظمها إلى سلة المهملات، وكل عام يضاف الجديد من “الهبات”، حتى يتم تحقيق التميز والسبق المنشود! فنحن نعيش سِباقا كل موسم وفي كل شيء، فالاستعراض في وسائل التواصل الاجتماعي نجح في توليد حاجات وهمية، والمهم أن معظم هذه الأطباق الجديدة تحتاج في أغلب حالاتها لمواد أولية باهظة الثمن تضاف إلى فاتورة المواد الغذائية الأصلية المثقلة أصلا، بل الأغرب أن تطل علينا عادات جديدة، مثل توزيعات “نقصة” رمضان الاستعراضية، والتي لا علاقة لاسمها بمعناها الحقيقي المعروف سابقا والمتمثل في اقتطاع جزء من طعام البيت يهدى للجيران والأحبة والأقارب بلا تكلف، بل الجود بالموجود، لكن “نقصة” اليوم تحولت إلى تكاليف فلكية عالية، بل وصلت إلى إهداء الذهب - بحسب أحد الخبراء -، ما يزيد أوجاع الكثير من الأسر محدودة الدخل، والتي قررت الدخول في سباق التنافس، وكان الأجدر بها التركيز على الأساسيات والضروريات، خصوصًا متطلبات المعيشة والعيد، والمستطيع ماليًا كان الأجدر به أن يتذكر أقرباءه ممن يحتاجون المساعدة والدعم في هذا الموسم المبارك، ويضاف إلى هذه العادات الدخيلة: التوسع والمبالغة في تزيين البيوت بالمصابيح وغيرها، والاستعراض في ذلك: “احنا زينتنا أحسن من زينتكم”.. خصومة على ألسن الأطفال، لندخل في أجواء التنافس تلك مرة أخرى، علاوة على مخاطر التمديدات الكهربائية التي يتطلبها الأمر، وهي ليست آمنة بطبيعة الحال، وينسحب ذلك أيضا على ما يسمى بالأزياء الرمضانية، وتجهيزات السفرة الرمضانية، من أوان وأطباق وغيرها من صور النهم الاستهلاكي الملهي عن مقصود شهر الصيام.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .