إن تسارع تطور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي (AI) المتجسّد في مشاريع مثل Sora من OpenAI والقادرة على توليد فيديوهات تبدو واقعية إلى درجة عالية جدًّا، هذا التسارع يعجّل بالنقاشات حول مستقبل العمل والوظائف لا محالة، هذا التقدم التكنولوجي يضيّق الفجوة بين القدرات الحالية للذكاء الاصطناعي ومحل الأدوار التي سوف نقول عنها “عفا عليها الزمن”، مع استمرار تقدم هذه التكنولوجيات، سوف تكون هناك حاجة ملحة لاستراتيجية وطنية تعيد تعريف مفهوم العمل، مع التأكيد على طول أمد الوظيفة وقابليتها للتكيف، يجب أن تتناول هذه الاستراتيجية ليس فقط التداعيات الفورية لـAI على القوى العاملة ولكن أيضًا تمهّد الطريق لمستقبل تكون فيه أدوار العمل مرنة والقوى العاملة مرنة في مواجهة الاضطرابات التكنولوجية.
يجب أن يشمل في هذه الاستراتيجية مبدأً مهمًّا وهو “الهجرة الأخلاقية” للموظفين داخل المنظمات، مما يمكن من الانتقال إلى أدوار لا يمكن للذكاء الاصطناعي استبدال المهارات البشرية فيها. يتطلب هذا النهج إعادة تقييم الهياكل التنظيمية الحالية وممارسات التوظيف لتعزيز بيئة تشجع على التعلم المستمر وتطوير المهارات، وهنا يأتي دور الموارد البشرية والمهم جدًّا لدراسة المستقبل وما يحمله من تغييرات عند القيام بذلك، لكي يمكن للموظفين التكيف مع الأدوار الجديدة التي تظهر مع تطور الصناعات، مما يضمن بقاء القوى العاملة ذات صلة وموظفة في وجه التغيير التكنولوجي السريع و خصوصًا أمام الذكاء الاصطناعي والقادم بقوة.
تنفيذ استراتيجية وطنية تركّز على طول أمد الوظيفة والهجرة الأخلاقية للأدوار يتطلب تعاونًا بين الحكومات، والمؤسسات التعليمية، وكيانات القطاع الخاص، يجب تطوير السياسات لدعم برامج إعادة التدريب، وتحفيز التعلم مدى الحياة، وتسهيل إعادة توزيع العمالة بشكل أخلاقي. هذا الجهد الجماعي لن يقلل فقط من التأثيرات السلبية المحتملة للـAI على التوظيف ولكن أيضًا سيستغل القوة التحويلية لهذه التكنولوجيات لخلق قوة عاملة أكثر ديناميكية ومهارة وقابلية للتكيف. عند القيام بذلك، سوف يمكن للمجتمع التنقل عبر التحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، محولًا الاضطرابات المحتملة إلى فرص للنمو والابتكار، خصوصًا في ضوء الظروف الاقتصادية القاسية التي تمر فيها معظم دول العالم.