العدد 5596
الجمعة 09 فبراير 2024
banner
آرتو.. معطف من حديد
الجمعة 09 فبراير 2024

كان الكاتب الفرنسي أنطونين آرتو يسير في حياته لابسا معطفا من الحديد، وعناصر البرودة القاسية تحيطه من كل مكان.. كان كاتبا عجيبا وصاحب بصيرة نافذة في الصراعات التي يعاني منها إنسان هذا العصر الواقف بين جسرين، جسر الغواية وجسر التوبة.
وآرتو يرى أنه في عصر يسوده القلق والفوضى، فإن المسرح الوحيد الذي يستطيع أن يصل إلى أعماق الإنسان ويعلمه أبعاد الحياة الحقيقية لابد أن يكون مسرحا يخاطب أعصابه وعقله. 
الإنسان يصل عن طريق العنف والحب والجريمة والمخدرات والحروب إلى حالة من رفاهة الحسن، يتفهم عن طريقها تجربة الحياة، وقد لا يكون عن طريق العمد أو الوعي.
وكان آرتو يعتقد أن الكلمة في المسرح الغربي أصبحت لها أهمية كبيرة، أكبر من اللازم، فكان يتخيل مسرحا استطاع أن يحققه في بعض الأحيان يرتكز التعبير فيه على طرق لا تعتمد على اللفظ، كأن تعبر بالجسد مثلا.
وقد وجد آرتو تأكيد أفكاره في المسرح الشرقي “الياباني” وفي الحياة المكسيكية وفي الأساطير التي وراء المسرحيات اليونانية، والأهم من كل هذا مسرح عصر شكسبير وهو المسرح الذي يسمح للمؤلف أن يجوب العالم، وأن ينزلق ببساطة من العالم الخارجي إلى العالم الداخلي والعكس صحيح، إن قوة عظمة مسرحيات شكسبير أنها تقدم أوجه الإنسان المختلفة في نفس اللحظة، اللغة الشعرية وموسيقى الكلام تصلان إلى تلك الأعماق التي تختفي وراء السطح.
عموما هذه هي فكرة مسرح القسوة التي أطلقها آرتو من وجهة نظره ككاتب مسرحي في المحل الأول، وهي الفكرة التي اعتمد عليها بيتر بروك وماروتن في مسرحهما التجريبي، إلا أن آرتو سيبقى هو ضجة العاصفة التي اجتاحت المسرح العالمي.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .