العدد 5589
الجمعة 02 فبراير 2024
banner
مغامرات طائشة
الجمعة 02 فبراير 2024

يبدو أن بعض الفنانين والكتاب من أصحاب المغامرات الطائشة وغير المدروسة في الفن بدأوا ينعطفون بشدة نحو طريق لم يألفوه ولم يخطوه من قبل، معتقدين أن كل شيء سهل طالما هناك إرادة وتصميم.. نعم.. هذه نظرية معروفة، لكنها ليست قاعدة وعالما روحانيا، فأحدهم قطع شوطا طويلا في ترجمة مسرحية لكاتب أميركي مع أنه غير مختص في الترجمة بأي شكل من الأشكال.
إن ترجمة المسرح من أصعب أنواع الترجمة إن لم نقل أصعبها جميعا؛ لأنها عكس ما يتصور الكثيرون ليست مجرد نقل من لغة إلى لغة أو مجرد إجادة للغتين المنقول منها والمنقول إليها، إنما هي أولا وقبل كل شيء شغف دائم وحقيقي بالمسرح يترتب عليه فهم مقتضياته ولغة الكلمة التي يمكن أن تقال والكلمة التي لا يمكن أن تقال، فهم الفعل الذي يمكن أن يؤدى والفعل الذي لا يمكن أداؤه، وعلى ذلك فإن ترجمة المسرحية ليست استبدال كلام بكلام بقدر ما هي استبدال كلام بأقوال وأفعال.. أقوال تقال وأفعال تؤدى بحيث يتحول النص في يد المترجم إلى كائنات حية تروح وتجيء وتنبض بالحياة، حيث يترجمه في سليقته شعورا قبل أن ينقله على الورق ألفاظا فينفعل به كما لو كان هو قائله وينقله وكأنه ينقل قطعة من حسه وضميره.
من هنا كانت ترجمة المسرح مما يسمح فيها ببعض أنواع التجاوز التي لا يسمح بها في غيرها من أنواع الترجمة، كأن تكون لغة الترجمة أقرب إلى لغة التخاطب منها إلى اللغة الفصحى، ويضحى بالكلمة الأكثر دقة في سبيل الكلمة المسرحية أو الأقرب إلى المسرح.
نتمنى أن يعود صاحبنا إلى رشده ولا يلبس ثوبا غير ثوبه ولا يدخل بيتا غير بيته ويكتفي بالتمثيل.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية