عندما نريد إحصاء عدد الجمعيات الأهلية في البحرين، فالأمر أشبه بمسك القلم وكتابة رواية، أفكار ورؤى وتنظيرات وبيانات لا أول لها ولا آخر، ووسط هذه الجلبة والضوضاء والحمى، تجد هناك “جم” جمعية نشطة من شرقها إلى غربها، والبقية محاصرة بالكسل وتشكلت على نوافذها وأبوابها خيوط العنكبوت كشعر مكتوب.
مع تقديرنا الكامل للجهود المبذولة في مجال الجمعيات الأهلية، إلا أننا نرى أن الكثير منها لا تستخدم طاقتها الكاملة لخدمة الغرض الذي أنشئت لأجله، على اعتبار أن مؤسسات المجتمع المدني ركيزة أساسية من ركائز المشروع الإصلاحي لسيدي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه لا يمكن تجاهلها.
في تصورنا لم يعد تقييم النتائج يتجه نحو قيمة هذه النتائج وكيفية تحقيقها، بقدر ما يتجه نحو كمية ما تم تحقيقه منها، أي أن الاهتمام تحول من الكيف إلى الكم، وهذا يشبه إبراز ضخامة الكمية المنتجة في المصانع على جودة المنتج، أو التباهي بعدد أعضاء الجمعية دون الاهتمام بعملها الحقيقي وتأثيرها كما ينبغي أن يكون.
كم عدد الجمعيات الأهلية الناجحة ومدى تأثيرها كشريك إيجابي في المجتمع، 10 - 20 من بين المئات.. والبقية مثل الديكور والملابس والمكياج وتغيرات الوجه والحركة في عالم المسرح، لذلك لابد من تغيرات ومواقف صريحة إزاء هذا الوضع والخلل الواضح، وتنظيم الإجراءات بالشكل الذي يلائم ضخامة الفوضى وتيار الكم الذي طغى على الكيف وتحقيق التوازن المطلوب، إذ لا يعقل أن نعيش هذا المشهد المأساوي ونحتفظ طويلا بكيانات غير فاعلة في المجتمع، وهي ليس لديها أي تميز يذكر في ميدانها يتوافق مع المصلحة العليا للوطن.
* كاتب بحريني