عنوان المقال ليس تمتمات سحـر، أو تعاويذ لشعوذة، بل هو حروفٌ على نقاط.. نقاط تفتيش عن ضميرٍ حيٍ مُغيّب لدى أبناء هذه الأمة وسط العتمة والغمة!
روح ا ل ر و ح:
أواخر نوفمبر الماضي، شوهد الجد الغزاوي خالد نبهان يحتضن حفيدته الشهيدة الطفلة ريم ويضم وجهَها الصغير إلى لحيته التي غزاها الشيب، ويقبل عينيها ويداعبها وكأنها على قيد الحياة، بعد أن اغتيلت وشقيقها طارق في قصف صهيوني على منزله، بينما كانت الأسرة نائمة، رحلت الشهيدة الصغيرة ريم وشقيقها، وبقي الجد وسط أنقاض منزله، يقلب ذكرياته، مرددًا أن حفيدته الشهيدة إنما هي (روح الروح).
كان الجد خالد وحفيدته، ريم، لا ينفصلان، فجدها كان عالمها كله، لعبتها المفضلة كانت سحب لحيته، بينما يتظاهر هو بسحب شعرها ممازحًا، لتقول: “سأترك إذا تركت”.

ا ل د ح د و ح:
قبل أيام قُتل الابن الأكبر لوائل الدحدوح مدير مكتب شبكة الجزيرة الإخبارية بقطاع غزة، في غارة على جنوبي القطاع.. وكان حمزة الدحدوح، وهو صحافي ومصور لدى “الجزيرة”، مع صحافيين آخرين في الطريق من خانيونس إلى رفح عندما استهدفتهم غارة جوية بطائرة مسيّرة، وكان 4 من أفراد أسرة الدحدوح قد قتلوا خلال هجوم صهيوني في نوفمبر الماضي.

ا ل م ب ح و ح:
في 19 يناير 2010 اغتيل محمود المبحوح (50 عاما) عضو كتائب عز الدين القسام على يد فرقة كوماندوز في غرفته بفندق في إمارة دبي، وبعد هذه الحادثة ظن الجناة أن صوت المقاومة قد (بـحّ) أو بات (مبحوح)، ولكن لغة النضال قد أجرت تحديثًا على قاموسها الثوري، لتصبح بعدها مفردة (المبحوح) تعني الصوت المسموع المجلجل المدوّي، ولتصبح فلسطين هي (روح الروح).
وهكذا.. بعد قنصهم (المبحوح) واغتيالهم (الدحدوح) وسطوع ترنيمة (روح الروح)، لا يسعنا إلا أن نركب الموجة نفسها ونردد:
ظننا للقضية سيشع صدًى، والصوت لن يبقى مبحوح
فجعنا بصمت حضراتكم مِلحًا يُرّش على الجروح
ما عدتم كالجسد الواحد، بل بات ترديكم غاية بالوضوح
(نصرة فلسطين) ملفٌ تمزق، ما عاد على طاولاتكم مطروح
وددنا الجهر بعشقك يا أقصى، ولكن ما أصعب أن نبوح
بنو صهيون بالبراءة تستروا، وجسدكم عارٍ مشلوح
عربٌ حاولتم إظهار ودكم، ولكن هراؤكم بات لغوًا مفضوح
لطالما رددتم (بالروح نفدي).. واليوم (يا روح ما بعدك روح)!

* كاتب بحريني وصحافي سابق بالشؤون العربية والدولية