العدد 5572
الثلاثاء 16 يناير 2024
banner
مكتبتنا المحلية تخلو من الشعر العالمي المترجم
الثلاثاء 16 يناير 2024

قرأت قصائد من الشعر الايرلندي ترجمها شيخ المترجمين العراقيين كاظم سعد الدين رحمه الله، كما شاء القدر وأن اطلعت على قصائد مترجمة للشاعر الاسكتلندي “كينيث وايت” ترجمها الأديب والشاعر العراقي سامي مهدي، وكما نعلم ترجمة الشعر تختلف عن ترجمة القصة والرواية، ففضاء الكتابة الشعرية يلزم المترجم أداء النص كاملا غير منقوص، وكذلك روح الأثر، كما أن الترجمة لا ترتجل ارتجالا كي لا يخسر الأثر المزمع ترجمته شيئا من حيويته أثناء النقل.
لقد كانت ترجمة كاظم سعد الدين، مثالية وأصلية، لأن الشعر كما وصفه “اليوت” بأنه التركيز في أعمق أعماق التفاصيل، ورؤية العظم وملامسة النخاع، فالمترجم كاظم يجعلك تتنفس الشعر الايرلندي وتعيشه وكأنك من ذاك البلد، وتتحدث لغتهم، وكل قصيدة تقرأها تترك في نفسك أثرا قويا وتأثيرا هائلا، فالشعر شيء أبعد غورا في الطبيعة الإنسانية من أن يخضع للعقل وقوانينه لأنه يتجه للإحساس والشعور.
يقول الشاعر الروسي يفتوشنكو “إن ترجمة الشعر مثل المرأة، إذا لم تكن الترجمة أمينة، فإنها تكون جميلة، وإذا لم تكن جميلة، فإنها تكون أمينة”.
الترجمة هي إعادة صياغة النص.. فحدث ترجمة الشعر حدث عظيم في الثقافة حين يستطيع أحد التغلغل في أعماق لغة أخرى وخيال شعري آخر، والترجمة إلى حد ما ولع جنوني، ويمكن للمرء أن يتوقع أنها تؤدي به من حين إلى آخر إلى عتبة الدهشة اللغوية، وليس هناك من يستمتع بالشعر المترجم في الواقع، إلا إذا كان المترجم يمتلك أصالة في الذهن بحيث يعيد ابتكار القصيدة بلغة خاصة مرة أخرى، كما أن لغتنا العربية بطبيعة نشأتها وتكوينها وقيامها على الحركات والحروف اللينة هي لغة شعرية بامتياز.
محليا.. تبهرني ترجمة الدكتور محمد الخزاعي، وأمين صالح، وعبدالقادر عقيل، وبصورة عامة نتمنى زيادة الاهتمام بترجمة الشعر العالمي، بدل التركيز على القصص القصيرة والرواية التي تشبعت بهما مكتبتنا المحلية.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية