العدد 5568
الجمعة 12 يناير 2024
banner
معرفة الإنسان لنفسه الضوء الصافي
الجمعة 12 يناير 2024

ما أكثر المتناقضات في حياة الإنسان، تجده في الخارج يخشى أن يفتح فاه بكلمة، أو يمد يده فيخالف ما في رأسه من قواعد، بينما في بيته ومع أهله يكون الجحيم بعينه، هذه من حقائق الحياة وخفايا النفوس، وكأن كل واحد يحتضن مدرسة فنية بذاتها.
نحن نقضي معظم أوقاتنا في صحبة الناس، سواء في العمل أو في مختلف أوجه الحياة الاجتماعية، إلا أن الكثيرين منا يشعرون بأنهم معزولون عن المجتمع الذي يعيشون فيه، وبالرغم من أن هذه الكثرة ليست في الواقع معزولة عن الناس، فإنهم غالبا ما يشعرون بالوحدة والانفراد، ويحسون بالقلق وعدم الرضا، يتمنى كثير منهم أن يندمجوا بالناس ويختلطوا بهم في يسر، ودون كلفة وتردد، لكنهم ما يلبثوا أن يحسوا بأن هناك حاجزا غير منظور يحول دون انطلاقهم من هذه العزلة.
ومثل هذا الحاجز الخانق يمكن التغلب عليه بسهولة طالما أنه أضحى من الممكن تغيير عوامل الشخصية التي تحول دون توطيد علاقاتنا الاجتماعية بغيرنا، فليس من العسير على من عقد العزم على تحسين علاقته بغيره أن يراقب سلوكه الاجتماعي، وأن يتدبر السبب فيما آل إليه حاله، في نفس الوقت الذي ينكب فيه أيضا على دراسة الأسباب التي هيأت لغيره أن يحققوا ما هم عليه من نجاح باهر. فمعرفة الإنسان لنفسه تعتبر ولا شك على جانب عظيم من الأهمية تماما كما أن معرفته لغيره من الناس تعتبر ذات شأن كبير في مثل هذا المجال أو السبيل، إذ كلما زاد علما بأسرار شخصيته، كلما وسع إدراكه في تفهمه لغيره، وأصبح أكثر تدقيقا في تعامله معهم، وتمكن من كسب صداقتهم.
معرفة الإنسان لنفسه الضوء الصافي واللون الزاهي، أما جهلها والعيش في عزلة عن العالم فالأمر أشبه بالنظر من وراء القبر!.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .