العدد 5554
الجمعة 29 ديسمبر 2023
banner
أدباء البحرين في الستينات.. عصر مجنون وفرد ضائع
الجمعة 29 ديسمبر 2023

الكثير من الأدباء عاشوا بين القبول والرفض، بل وكانت حياة بعضهم مثل الليل المظلم الموحش، لكن هناك سر عجيب على الإطلاق، وهو تمجيدهم التشاؤم والجلوس متدثرين في لحافه البالية، ووصفهم الإنسان بالسفينة التي ضيعت مسارها، فالفيلسوف الألماني “شوبنهور” كان تشاؤمه سببا في شهرته، لكن نظرة سريعة إلى العصر الذي ولد فيه، “القرن الثامن عشر”، كانت كافية لفهم العلة في تشاؤمه، ففي القرن الثامن عشر اجتاحت أوروبا موجة من التشاؤم انعكست في أصوات شعراء كثيرين مثل اللورد “بيرون” في إنجلترا أو “الفريدرى موسيه” في فرنسا و”بوشكين” في روسيا، ولم يقتصر التشاؤم على الشعراء فقط، بل تعداهم إلى الموسيقيين، حيث ظهر في أعمال عمالقتهم من أمثال “شوبرت” و”شوبان” و”بيتهوفن”، وظاهرة ذلك هو شأنها أو تلك طبيعتها ترتبط ولا شك ارتباطا وثيقا بظروف العصر الذي سادت فيه، فقد شبت الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر وغيرت ما جرت الحياة عليه في أوروبا في ذلك الحين، إذ تهاوى كل شيء كنتيجة حتمية لما أطلقته هذه الثورة من أفكار جديدة لم يألفها ولم يسمع بها الناس من قبل، والتي كانت في مقدمتها الدعوة إلى الإخاء والمساواة والحرية. كذلك أنجبت تلك الثورة “نابليون بونابارت” الذي انتهت حياته في منفاه “بسانت هيلانه”، وانتهت معها حياة عدة ملايين من البشر زهقت نفوسهم عبثا، وكان من الطبيعي أن ينتهي ذلك كله “بشوبهور” كما انتهى بكثيرين غيره من أهل عصره إلى القلق والتشاؤم.
حتى “بعض” أدباء جيل الستينات والسبعينات في البحرين، كانوا يسألون أنفسهم عن السعادة كأبطال ديستوفيسكي، بعد أن ضاقوا بهذا العالم، وكانوا يرون الدنيا قبيحة وتبعث على القرف والملل. فقد كان عصرهم مجنونا والفرد ضائعا.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .