بين فترة وأخرى يهاجمني “ضغط الدم” اللعين، ويقف في دربي الصاعد نحو الحلم، وكذلك أمراض العين، ويوم السبت الماضي قالت لي الدكتورة بالحرف وهي تقترب من التكثيف.. “الكتّاب والصحافيون وكل من يقوم بالنشاط الفكري معرضون أكثر من غيرهم للأزمات الصحية”. 
معنى هذا أن عقولنا نحن معشر الكتّاب تتعب وتضعف وتهرم، ويشعر الأطباء اليوم بالتوجس إزاء الإرهاق الذهني الذي يثقل كاهلنا، فالإحصائيات تنذر بالسوء، وقد ثبت أن الإصابة بالأمراض العصبية والقلبية أکثر شيوعا عند العاملين في حقل النشاط الذهني من العمال اليدويين، ويظن البعض أن من يمارس نشاطا عقليا يحتاج إلى نوعية معينة من الغذاء، وهذا غير صحيح، فقد جربنا كل أنواع الوصفات الغذائية دون فائدة.
إن النشاط الفكري المفرط غالبا ما يقود إلى إرهاق حاد مرافق لفتور الشعور والأرق وفقدان الشهية، ومثل هذه المضاعفات والتوترات العقلية ليست ظاهرة جديدة، وهناك أمثلة عديدة عبر التاريخ، فنحن نعرف كم كان الكاتب الفرنسي بلزاك خصبا في إنتاجه، لكننا لا نعرف أنه كان بوسعه أن يكتب أكثر مما كتب، لقد عاش قرابة نصف قرن، وفي سن الخمسين يكون الإنسان عادة في ذروة نضوجه العقلي، ومع ذلك أصبح بلزاك في هذه السن غير قادر على الكتابة، ويعتقد أن الإرهاق الذهني مسؤول عن هذه النتيجة. وكذلك الكاتب الروسي سالتيكوف سكتشدرين الذي تنغصت حياته في الخمسة عشر عاما الأخيرة، فعاش في تشتت ذهني، وقد عزا طبيبه الخاص حالته إلى الإجهاد النفسي والعقلي.
يبدو أن مقولة العقل السليم في الجسم السليم لا تنطبق علينا، لأننا فريسة سهلة للتوتر والضغط والإجهاد العصبي، والله وحده العالم بحجم الجهد المبذول في الصحافة والفكر والأدب، ومع ذلك نمضي بعقولنا وأجسادنا ونتركها تعدو ولا تستريح من أجل وطننا الجميل مملكة البحرين.
* كاتب بحريني