جاءني تعقيب من الصديق حول سلسلة المقالات المنشورة حول العدوان الإسرائيلي على غزة، والتي أكدت من خلالها أن المشكلة الرئيسية التي يتم تجاهلها من قبل إسرائيل وداعميها هي الاحتلال والاستيطان والعدوان المستمر، وأن الحل يبدأ بوضع حد للاحتلال وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة.
يقول الصديق: “إن كل ما يقوم به الاحتلال من شأنه أن يعجل زواله، فالحركات الاستئصالية تحمل بذور موتها إن عاجلا أو آجلا، خصوصا أنَّ هذا الاحتلال لا يوجد له مثيل في التاريخ الحديث والمعاصر، فحتى الرجل الأبيض الذي قضى على معظم سكان أميركا الأصليين لم ينطلق من رؤية استئصالية معلنة كما تفعل إسرائيل اليوم. إضافة إلى أن بقاءها واستمرارها يتأتيان من عوامل خارجية، ومتى توقف أو ضعف هذا الدعم الخارجي، فإنها تكون معرضة لخطر محتمل”. قلت: “أخشى ما أخشاه هو أن يقود مثل هذا اليقين بهذه القناعة إلى نوع من الاستسلام لنوع من القدرية.. لذلك أرى – كما في التاريخ الإنساني القديم والحديث أهمية المزج بين الفعل السياسي الواقعي والفعل المقاوم، بما في ذلك تعزيز القوة الناعمة التي تكسب تعاطف العالم، فتكون النتيجة تحرير الأرض وتحقيق الاستقلال وإن طال الزمن.
قال الصديق: إن الاحتلال لا يقبل بالسلام، ويعلن صراحة أن “أسلو خطأ كبير”، وأن حلّ الدولتين مستحيل، وأن قرارات الأمم المتحدة والمبادرة العربية للسلام مرفوضة، وكذلك التعايش ضمن دولة واحدة كما فعلت جنوب أفريقيا بعد إنهاء نظام الفصل العنصري، كما يستمر في قضم الأراضي الفلسطينية وإنشاء المزيد من البؤر الاستيطانية، وإطلاق أيدي المستوطنين للتنكيل بالفلسطينيين وقتلهم، فلم يترك لهم سوى خيار المقاومة المشروعة في مواجهة الاستعمار الاستيطاني.. لذلك فإن هذا التعنت والغرور والإبادة الوحشية سوف ترتد عليه في النهاية، ما يجعل الحرب مرشحة للاستمرار لعقود أخرى”. قلت: إن القانون الدولي يؤكد حق الشعوب في مقاومة الاحتلال والكفاح في سبيل الاستقلال والتحرر من السيطرة الاستعمارية، لذلك فإن إنهاء الاحتلال الحل الوحيد لإقامة السلام والتعايش بإنقاذ الجميع من مأساة حرب لا تنتهي.
* كاتب وإعلامي بحريني