أظهر العدوان الإسرائيلي على غزة والمجازر غير المسبوقة، عوارض ومؤشرات عديدة عن تضعضع الموقف الإسرائيلي على الصعيدين الداخلي والخارجي. لقد بدأت بعض الأصوات الإسرائيلية نفسها ترتفع في مواجهة نتنياهو وحكومته المتطرفة. فقد وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت حكومة نتنياهو، بالحكومة الإرهابية، مع أنه سياسي يميني وأحد مؤسسي حزب كاديما اليميني، والضابط السابق في لواء غولاني، ومع ذلك يقرر بوضوح أن “نتنياهو كارثة وطنية في تاريخ إسرائيل...، ووجود بن غفير وسموتريتش في الحكومة أمر فظيع. وجود مجموعة شباب التلال (الاستيطانية) في الضفة الغربية أمر فظيع، ... إنهم سفاحون وقتلة وإرهابيون”. هذا مجرد نموذج فحسب، وكلما طال العدوان أكثر سيزيد عدد الأصوات الرافضة.
أما على الصعيد الدولي فيتزايد عدد الدول التي بدأت تعي حجم الكارثة التي تتسبب فيها حكومة نتنياهو، غير المبالية بأية قواعد قانونية أو حدود أخلاقية وإنسانية، مع أن العديد من هذه الدول شريكة إسرائيل في العدوان والإبادة. إذ بدا واضحا أن الولايات المتحدة الأميركية (الداعم الرئيسي والشريك الكامل)، بدأت تضيق ذرعا بالتطرف الإسرائيلي. ولأول مرة، ينتقد الرئيس الأميركي علنا نتنياهو وحكومته، مشيرا إلى أن “إسرائيل بدأت تفقد الدعم بسبب القصف العشوائي الذي يحدث”، وأن حكومة نتنياهو “أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل، وهي لا تريد (حل الدولتين)...، لذلك يتعين تغييرها لإيجاد حل طويل الأمد للصراع”. كما أن معظم الدولة الغربية (الداعم والظهير)، شهدت هي الأخرى تحولا واضحا في الموقف، بدأ يظهر للعلن بعد اتضاح حجم الجريمة التي تنفذها إسرائيل، فتحول الدعم المفتوح والمطلق إلى تعبير عن الاستياء والدعوة إلى وقف العدوان. كما أن الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت بأغلبية ساحقة لصالح  قرار وقف إطلاق النار الفوري في غزة، (153 دولة)، مقابل عشر دول رافضة فقط، من بينها إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.
تلك بعض المؤشرات على بداية التحول في الرأي العام الدولي باتجاه رفض العدوان وفظاعاته غير المسبوقة في التاريخ الإنساني الحديث والمعاصر. كما أن هناك بداية صحوة في الضمير الإنساني العالمي، وبداية سقوط للسرديات الإسرائيلية التي طالما ضللت العالم.
كاتب وإعلامي بحريني