العدد 5546
الخميس 21 ديسمبر 2023
banner
كمال الذيب
كمال الذيب
هامش حول الاحتفال بيوم اللغة العربية
الخميس 21 ديسمبر 2023

جرى الاحتفال في الثامن عشر من هذا الشهر باليوم العالمي للغة العربية، واحتفت منظمة اليونسكو بهذه المناسبة، وخصصت المديرة العامة للمنظمة كلمة أشادت فيها بعبقرية اللغة العربية ودورها الحضاري، وأصدرت الجهات المعنية بالثقافة في معظم البلاد العربية بيانات “تهنئة” و “مجاملة” باردة من دون روح، ونظم بعضها عددا من الفعاليات الاحتفالية الاحتفائية. والسؤال: هل يكفي الاحتفاء السنوي باللغة العربية على هذه الشاكلة السطحية، كما تزار قبور الأموات في المناسبات؟ من دون اقتران الاحتفاء بإصدار قرارات أو الإعلان عن إجراءات أو برامج لإصلاح الوضع على صعيد المؤسسات الرسمية والأهلية المعنية باللغة العربية ومنزلتها؟
لقد سبق أن أثرنا هذا الموضوع في أكثر من مناسبة، خصوصا تدهور وضع اللغة العربية بين أبنائها وتآكل رصيدها لدى قسم لا يستهان به من أبناء الجيل الجديد. ولم نكن نتوقع بأن يكون لذلك أي صدى، لأن مركز اللغة العربية هو من مركز أبنائها ومركز البلدان الناطقة بها في الحضارة والتاريخ المعاصر. حيث لا تزال تجري تربية الأبناء على قدسية اللغات الأجنبية وتحقير اللغة العربية مركزا في الذهن قبل أن تكون استعمالا في الواقع، واعتبارها رمزا “للتخلف واللاجدوى في سوق العمل”. وفي المقابل نجد عددا من الأطروحات التقليدية التي تدافع عن اللغة العربية دفاعا عاطفيا إنشائيا لا جدوى من ورائه، تسهم في تزييف الوعي. فلغتنا في الواقع كائن حي، لكننا لا نسهم في تطويرها أو إثرائها مع أننا، مثلما قال طه حسين: “نملكها كما كان القدماء يملكونها ولنا أن نضيف إليها..”، إلا أننا نتجاهل مسؤوليتنا على ما تعرضت له لغتنا من تراجع وتآكل. كما لا يجب أن نغفل أنه عندما كان المولد الحضاري العربي يعمل بفاعلية، كان الإنتاج المعرفي باللغة العربية كبيرًا ومؤثرًا في العالم، وكانت لغتنا عالمية، وكانت الشعوب تسعى إلى تعلمها والترجمة منها وإليها. أما اليوم وقد تعطل هذا المولد فأصبح إنتاجها المعرفي والثقافي هزيلاً. وانعكس ذلك على منزلة اللغة حتى بين الناطقين بها.
* كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .