لعبت الحرب النفسية دورًا كبيرًا خلال الأيام الأخيرة التي عشناها، وبالطبع نعني هنا أيام الصراع الإسرائيلي الإيراني. لقد انخرط كل طرف في إطلاق الشائعات والرسائل المختلفة، بعضها صحيح وبعضها الآخر غير ذلك. اجتهدت وسائل إعلام الطرفين في ابتكار طرق للتأثير على الطرف الآخر؛ فعندما تقرأ صحيفة إسرائيلية أو تشاهد قناة إخبارية، تجد معلومات عن دمار وأضرار جسيمة على الأراضي الإيرانية، والعكس صحيح. وبصورة عامة، تُعتبر الحرب النفسية جزءًا أساسًا في أي صراع ومنذ القدم، فهي نوع من التكتيك والاستراتيجية.
لقد بدأت الحرب النفسية كما يؤكد الخبراء تكتسب شكلها العلمي الحالي بفضل مفكري الجرمان، وأخذت تشق طريقها نحو الكمال، لتتفرع إلى مذاهب مختلفة وتصبح لها تطبيقات عملية، وساعدها في ذلك التقدم العلمي المتسارع وتجارب الأمم، حتى اتخذت طابعها المتطور الحالي.
فقد ورد ذكر العنصر المعنوي في آراء المفكر الألماني الاشتراكي فريدريك إنجلز منذ أكثر من قرن ونصف، عندما قال إنه - أي العنصر المعنوي - يتحول أثناء الحرب إلى قوة محسوسة. وفسر هذا العنصر المعنوي لاحقًا بقوله: “إنه مجموع الطاقة الفكرية والنفسية التي تُعطي الشعب والجيش القدرة على القتال، مضافًا إليها الجهود التي تبذلها الدولة لإبقاء الروح المعنوية في المستوى اللازم”، ولا ننسى الرجل الذي وثق فيه هتلر فيما يتعلق بالدعاية، وهو المدعو غوبلز، والذي تفنن في الدعاية النازية وتفوق في تحطيم معنويات العدو.
فمن يعلم كيف ستكون أدوات الحرب النفسية مستقبلًا في عصر التحول الرقمي المخيف؟.