أعادني تدشينُ مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة للثقافة والبحوث كتابين، للدكتور محمد جابر الأنصاري مؤخرا، إلى ثراء المشروع الفكري والثقافي لهذا المفكر البحريني البارز، والمبثوث في العديد من مؤلفاته العديدة، المنشور من عدة سنوات، وبعض الكنوز التي ما تزال مخطوطة، والتي يجري نشرها تباعا خلال السنوات الأخيرة. ولعل هذا ما يفسر تدفق عدد من الإصدارات الجديدة، خصوصا في ضوء اكتشاف فريق دارة الأنصاري لعدد من المشاريع المؤجلة ضمن ملفات الأنصاري ومقالاته الوفيرة. ويأتي ما دشنه مركز الشيخ إبراهيم مؤخرا ضمن هذا السياق: كتاب “لمحات من الخليج العربي: دراسات في الخليج وثقافته ورجاله وفلكلوره الشعبي”، وكتاب “الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة: أشعاره ورسائله”. إضافة إلى تدشين هيئة البحرين للثقافة والآثار في وقت سابق (2021م)، بالتعاون مع دارة الأنصاري لكاتبين جديدين هما: “الملاكمون هل كانوا مسلمين؟”، وكتاب “الخليج إيران العرب: وجهة نظر خليجية”، من دون أن ننسى كتاب ترجمات أعمال الأنصاري الفكرية إلى اللغة الإنجليزية للدكتور رياض حمزة والذي تم تدشينه في بداية العام الجاري في مركز عبدالرحمن كانو الثقافي.
أعادني هذا التدفق للإصدارات الجديدة إلى ما كتبه الأنصاري عبر تاريخه الفكري الطويل الذي امتد لأكثر من نصف قرن من العطاء، وشمل أبرز القضايا الفكرية والأدبية والسياسية، الوطنية والخليجية والعربية. وهي في مجملها قضايا حيوية متجددة، ولا يزال الخوض فيها يكتسب أهميته من راهنيتها، خصوصا أن للأنصاري دورا تنويريا حيا في مراحل تطور المجتمع البحريني المعاصر، ضمن التطور العام للمجتمعات العربية، إذ كان متفاعلا في اللحظات التاريخية المهمة والحرجة، فلم يلذ بالصمت، ولم ينخرط في موجة التهويمات اللغوية، وكان حاضرا لمواجهة تحديات اللحظات التاريخية الحرجة، داعما للتطلعات المشروعة في الوحدة والحرية والتنوير، مساندا للمشروع الإصلاحي لجلالة الملك، مدافعا عن المشروع بشجاعة، مسهما في إنارة الطريق بفكر حصيف، من أجل أن تكون البحرين العربية واحة للحرية والديمقراطية والتنمية والوحدة والسلام، وأن تكون مؤسساتها الأكاديمية منارة للفكر والعلم والإبداع، لتسهم في النهضة والتجديد، رافضا بإصرار ثقافة الصوت الواحد والاختزال والتبسيط والتسطيح وإفساد اللغة.
* كاتب وإعلامي بحريني