العدد 5550
الإثنين 25 ديسمبر 2023
banner
حرائق الرفض بهيئة مشوقة
الإثنين 25 ديسمبر 2023

ينقسم السلوك كما نعرفه إلى قسمين، المسموح به والمحظور، ما هو مقبول وما هو معيب، لكن هناك أناس عندهم من البسالة والحيوية للبقاء على الأرصفة المهجورة، بما يشبه صراصير المخازن. لا رأي، لا قرار، لا نقاش، ومنهجهم الغبي الذي يتبعونه هو “إرضاء الناس”، ومثل هؤلاء الأفراد يعتمدون كل الاعتماد على رأي الناس فيهم ورضاهم عنهم، فيترددون في أن يفكروا أو يعملوا ما يكون مخالفا لرأي “جماعتهم”، حتى لو كانوا يؤمنون في قرارة نفوسهم وعقولهم بأنهم على حق فيما يعتقدون.
فقد تكون لشخص ما آراء تختلف مع آراء زملائه في العمل، إلا أن عدم ثقته في نفسه يؤدي به إلى الإحجام عن المجاهرة بها، خشية أن لا يفقد رضا زملائه، لذلك فهو يلزم الصمت حتى لا يتعرض لمخاطرة سخريتهم منه، ومن المؤكد أن مثل هذا الموقف السلبي أو القاصر يحط من كرامة الفرد ويحطم شخصيته وكيانه.
فسواء كان الأمر يتعلق بأشخاصنا أو أفعالنا أو آرائنا، يجب علينا ألا نتجه إلى موافقة غيرنا فيما لا نؤمن بصحته أو سلامته تماما، كما يجب علينا ألا نحط من استقلالنا في العمل والتقدير، وإذا ما اختلفنا في الرأي مع غيرنا، فمن الخير لنا ولهم أن نتولى إنارة الأمر معهم في صيغة أسئلة لا تبدو فيها نبرات الغضب أو التعصب، ليس هذا فحسب، بل ومن المرغوب فيه أيضا أن نقف دائما موقف المعارضة من آراء غيرنا، أو أن نتجاهل أفكارهم حتى لا نضع أنفسنا موضع الشخص المتميز بغرابة أطواره وتصرفاته التي تتعارض معارضة تامة أو صادقة مع الأحكام التي تسير جماعة ما، أو تنظم سلوكها.
الإنسان السوي والقوي هو الذي تشتعل في داخله حرائق الرفض بهيئة مشوقة.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .