يبدو لنا أنّ القرار الرامي إلى فصل الثقافة عن الأنشطة الرياضية بالأندية ما كان يجب أن يثير أي شكل من الهواجس بانحسار الثقافة أو أنّ مصيرها يسير نحو المجهول، لاعتقادنا بأنّ الثقافة لها قنواتها الخاصة، لذلك فليس هناك أي داع للفزع أو مبرر للتخوف، إنّ المراقب لوضع الأندية منذ عقود يقف على حقيقة تتلخص في عدم قدرتها على النهوض بالفعل الثقافيّ، وإذا شئنا الدقة فإنّ الأغلبية الساحقة من الإدارات كانت تنظر للثقافة بوصفها عبئا لا طاقة لها على تحمله لأسباب عديدة.
كثيرا ما كان التساؤل لماذا الأنشطة الثقافية غائبة عن اهتمامات الأندية سواء كانت العريقة منها أم الحديثة، فتأتي الإجابة بأنّ الفعاليات الرياضية تستنزف جل وقتها، إضافة إلى عامل آخر يتمثل في انحسار جمهور الثقافة في السنوات الأخيرة، الأندية اليوم تشكل نقيضا لما كانت عليه الأندية ابّان عقدي الستينات والسبعينات، إذ كانت تضج بالفعاليات الثقافية والفنية والمسرحية والأمسيات الشعرية ومع الوقت أصبح الاهتمام بالأنشطة الرياضية التي هي بكل المقاييس سمة عصرنا اليوم. غياب الثقافة السبب المباشر له غياب الجمهور الثقافي، لا أحد يستطيع أن يتجاهل دور المؤسسات الثقافية في المملكة كأسرة الأدباء والكتاب ومركز عبدالرحمن كانو الثقافيّ، وغيرها من المراكز الثقافية، بيد أنها تبقى رغم أهميتها وأدوارها ليست قادرة على احتضان المواهب وتنميتها لتكوينها النخبويّ. المواهب الشبابية بحاجة إلى مؤسسات تحتضنهم وتأخذ بأيديهم، فالذي بات حقيقة لا جدال حولها أنّ هناك مبدعين في جميع المناحي الفنية والثقافية أثبتوا تميزهم في المحافل العربية والدولية في الشعر والمسرح والفنون الأخرى، وأقصى ما يحلمون به هو إقامة مراكز تنمي لديهم هذه المواهب. ومثلما كان حلم الرياضيين قبل عقود إيجاد الأندية لممارسة هواياتهم وشغل أوقات فراغهم، فإنّ حلم أصحاب المواهب الأخرى إطلاق قدراتهم في فضاء الإبداع. ويبدو لنا أن هذه المهمة تقع على عاتق هيئة الثقافة والآثار لوضع استراتيجية ثقافية عبر إنشاء مراكز للثقافة. 
ولا أعتقد أنّه يمكن تنمية الثقافة  بلا استراتيجية ثقافية، وهيئة الثقافة عملت على استملاك بيوت ثقافية في مدينتي المنامة والمحرق لكنها اقتصرت على الأمسيات الشعرية والندوات الموسمية، ولم تشمل بقية مناشط الثقافة الأخرى.

كاتب وتربوي بحريني