منذ اللحظة التي يشعر فيها أنه أصبح لديه كيان وشخصية، تبدأ كلمة الخصوصية تتردد على أسماع الآباء والأمهات، هاهو يغلق باب غرفته بالمفتاح ولا يسمح بدخول أحد، يضع أرقاما سرية على قفل الهاتف، يرفض تدخل أحد في شؤونه، إنني أتحدث عن ذاك الابن الذي بدأ يشعر أن لديه عالما وقواعد لا يمكن لأحد أن يخترقها، إنهم أبناؤنا الذين تدهشنا الأيام بسرعة كبرهم ووصولهم لسن المراهقة ورغبتهم الملحة في العيش وسط مساحة من الحرية لإثبات الشخصية والتحرر من بقايا الطفولة والحماية الزائدة.
إن قضية خصوصية الأبناء من القضايا الأسرية المهمة التي تفرض على الوالدين الوعي بها لما يحتاجه الابن من مساحة للاستقلالية والشعور بالنضج والتحرر قليلا من السلطة الأبوية كما يفهمها الأبناء، بينما يدرك الآباء أنهم المسؤولون عن أبنائهم دائماً مهما بلغوا من الكبر والاستقلالية، لذلك يجب النظر في موضوع الخصوصية على أنه متطلب في نهاية الأمر سيحتاجه الأبناء لمنحهم فرصة للنضوج الفكري والعاطفي والتفاعل مع المحيط ومحاولة تعزيز المسؤولية، وفي هذا السياق أكدت سكايلر هوك، "طبيبة نفسية وباحثة اجتماعية درست تطور المراهقين بالجامعة الصينية في هونج كونج": "على أن الرغبة في الشعور بالخصوصية هي في الغالب احتياج إنساني رئيسي في الثقافات المختلفة، خلال مرحلة البلوغ، يتغير عقل الطفل، وجسده، وحياته الاجتماعية بسرعة، كما أنها تجربة مهمة متعلقة بالهوية والتعبير عن الذات، لذا هم يحتاجون لمساحة للمعرفة".
إن تقدير الخصوصية من قبل أولياء الأمور يساهم في خلق بيئة صحية نفسية لدى الأبناء مع التأكيد على أن منح مساحة الخصوصية لا يلغي جانب الرقابة والمتابعة والحرص على التوجيه المستمر.

كاتبة وأخصائية نفسية بحرينية