العدد 5517
الأربعاء 22 نوفمبر 2023
banner
ديوالي البحرين.. غير
الأربعاء 22 نوفمبر 2023

على مدار 5 أيام، احتفل أكثر من مليار شخص بمهرجان "ديوالي" الهندي، الكلمة التي تعني (صف من الأضواء)، بعروض الألعاب النارية والأعياد والصلاة.
الاحتفال الهندي الذي حل هذا العام يوم 12 نوفمبر الجاري، وشارك فيه ملايين الأشخاص في أكبر دول العالم من حيث عدد السكان ومهاجريها من الدول الأخرى، يهتم به على وجه الخصوص الهندوس، وكالعادة يحتفل الهندوس في البحرين في كل عام بأجواء تسودها المحبة والتقدير والاحترام، إذ تزورهم كل الشخصيات في المملكة ويتلقون التهاني من القيادة والحكومة والشعب بجميع طوائفه، فهم يعتبرون هذا العيد في المنامة أقرب ما يكون للعيد في الهند ولا يختلف عنه أي شيء. إن ما يميز الاحتفال بعيد "ديوالي" في البحرين هو حضور الجميع في هذا العيد، إذ إن العيد هنا لا يختصر على طائفة واحدة، إنما للجميع، فنشاهد مشاركة المواطنين ومختلف الجنسيات وحتى الشخصيات الكبيرة والبارزة، فالبحرين تعتبر أنموذجا فريدا للتعايش بين الطوائف والأديان، وحرية المعتقد وممارسة الطقوس والشعائر محفوظة للجميع. لاشك أن مملكة البحرين تعد الأنموذج الأمثل للتسامح والتعايش الديني، وذلك في ظل المبادرات الإنسانية والحضارية التي يتبناها ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، والتي تدعو إلى الانفتاح على الآخر واحترام كل الديانات والمذاهب.
شخصياً أحرص على حضور هذه المناسبة للاحتفال مع بعض العوائل الهندية العريقة في البحرين، وللحق فإن هذه العادة ورثتها من والدي رحمه الله الذي كان يحرص على التواصل مع هذه العائلات، بل كان يحرص أن أكون بمعيته في زياراته، حيث إن الوالد كان يمتهن التجارة ولديه علاقات وطيدة مع الكثير من رجال الأعمال الهنود، فلهذه العائلات الهندية تاريخ حافل في التجارة، والتجار البحرينيون آنذاك استفادوا الكثير منهم، وكانت لهم بصمات واضحة في السوق المحلية، حيث إن البحرين كانت ومنذ القدم تربطها علاقات تجارية مع الهند.
وارتبطت البحرين بالهند بعلاقات تجارية مميزة في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر الميلادي، وازدادت نموًا في العقود الأربعة الأولى من القرن العشرين، حين كانت الهند تستورد من البحرين اللؤلؤ الطبيعي الذي كانت له شهرته الخاصة على مستوى المنطقة؛ الأمر الذي أدى إلى زيادة حركة السفن التجارية بين البلدين، وأصبح الكثير من تجار اللؤلؤ من أبناء البحرين يسافرون باستمرار إلى الهند، ويبقى الكثير منهم فترات طويلة هناك. وكانت لهم منازلهم ومجالسهم الخاصة بهم، يستقبلون فيها الوافدين الجدد من أبناء البحرين والدول الخليجية.
وكان من حسن حظي أن يتزامن وجودي في أحد مجالس ديوالي بتشريف صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الذي أكد أن رؤى حضرة صاحب الجلالة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه جعلت مملكة البحرين أنموذجاً يحتذى به في ترسيخ قيم التعددية والتآخي وعززت من مكانتها كموئل للسلام وأيقونة للتعايش، مشيراً سموه إلى مواصلة مملكة البحرين نهجها المستمد من الرؤى الملكية السامية في ضمان الحريات الدينية في البحرين وتقوية التواصل الإيجابي بين مختلف الثقافات.
وقال سموه إن مناسبة ديوالي ورأس السنة الهندية التي نحتفل بها في مملكة البحرين بجانب العديد من المناسبات الأخرى تعكس التنوع كإحدى سمات مجتمعنا البارزة التي نحرص دوماً على الحفاظ عليها.
فسموه شدد على أصحاب المجلس ضرورة الحفاظ على هذا النهج الذي أصبح جزءا من عادات وتقاليد المجتمع البحريني المتآلف.
وكما يعلم الجميع وبحسب الإحصائيات الرسمية، فإن عدد الجالية الهندية في البحرين وصل إلى أكثر من 400 ألف، وهم يعدون الأغلبية بالنسبة للجاليات الأخرى، وإحقاقًا للحق فإنهم يعتبرون من أفضل الجاليات الأجنبية، وهذا ليس تنقيصا لباقي الجاليات، لكن الجميع يتفق على ذلك وبشهادة المسؤولين والمواطنين.
في المقابل، وللأسف الشديد نجد أصواتا نشازا تحرم ذلك! هؤلاء الأشخاص الجهلة لا يفقهون في الدين شيئًا، فالدين الإسلامي الحنيف يوصينا بالانفتاح والتعايش مع الأديان الأخرى، فمن خلال تواصلنا معهم نثبت ونبرهن ما يتمتع به ديننا الحنيف من قيم ومبادئ ومحبة.
وإن كان لي عتاب وحيد فهو المساهمة الخجولة للجالية الهندية وخصوصا العائلات المقتدرة المعروفة، فلم نسمع قط عن أية مبادرة أو بالأحرى المشاركة في دعم أي مشروع صحي أو اجتماعي أو رياضي أو خيري يعود بالنفع على المجتمع البحريني كجزء من رد الجميل.
في اعتقادي الشخصي هذه الأمور تعد من أبجديات ومبادئ المسؤولية الاجتماعية (CSR)، والله من وراء القصد.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .