تدفع العاطفة، ولربما ضغوطات الحياة، البعض قسرًا لأخذ قرارات صعبة ومؤلمة، أول من يدفع ضريبتها أفراد الأسرة، من زوجة وأولاد، وغير ذلك.
منها قصة أحد الأصدقاء الذي تقاعد مؤخرًا؛ بسبب مضايقات مسؤوله له، وآخر ترك الوظيفة بسبب بيئة العمل، والتي حولت حياته - كما قال - لجحيم لا يطاق، وبنتيجة أفضت براتب تقاعدي لكليهما يقل بكثير عن الراتب الأصلي.
وأثناء لقاء جمعني بهما في جلسة قهوة خفيفة، تحدثا بمرارة عن  سلبيات بيئات العمل، وعن تغير الكثيرين بسبب نمط الحياة المعيشي الجديد، والذي فرض المصلحة الشخصية لتكون سيدة العلاقات، وصاحبة القول الفصل.
كان الحديث ذا شجون، وبرأي مخالف لكل ما سمعته منهما، قلت إن الأب مطالب بأن يتذكر عائلته بكل قرار سيقدم عليه سواء في العمل أو غير ذلك؛ لأن العائلة هي أول من سيدفع ضريبة ما سيحدث، وبأن نتائج القرارات الانفعالية من الأب ستكون كارثية على الجميع.
النضج في العلاقات الإنسانية يبدأ بالقناعة والرضا، وعدم النظر لأرزاق الآخرين، وكذلك حسن اختيار الأصدقاء، ومشاورة الزوجة في شؤون الحياة، وخلق ثقافة الحوار بين أفراد الأسرة.
وأستذكر حديث لوالدي (رحمه الله)، والذي سألني ذات مرة قائلًا “ما واجب الأب؟”، فأجبته بسرعة “التربية والإنفاق، والرعاية”، تطلع إليَّ لوهلة ثم ابتسم، قائلا “القطة تستطيع أن تفعل ذلك أيضا، لكن واجب الأب الحقيقي هو الصبر والتحمل، هكذا تبنى الأسرة وتستقيم وتستمر”.