مؤخرًا وصل للمثقفين العرب رد مثقفي الغرب على رسالتهم "التوسلية" بمناشدة الضمير العالمي، مثلما يفعل مسؤولوهم، مجرد مناشدة للمجتمع الدولي، طلب استغاثة من أمة بني الإنسان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من شعب غزة.
رسالة الاستنجاد التي بعث بها المثقفون العرب لأصدقائهم الغربيين لم تختلف عن مؤتمرات القمم العربية والإسلامية، لم تبتعد سوى أمتار قليلة في أزقة اللغة وتركيباتها المستعصية، لم تتناقض أبدًا مع مسؤولينا "المسؤولين" عندما يطلبون النجدة من المجتمع الدولي كي يتحمل مسؤولياته، لكن لماذا المثقفون الغربيون تحديدًا؟ لماذا استيقظ مثقفونا "الغلابة" من سباتهم العميق ليخاطبوا زملاءهم المبدعين الغربيين في صحوتهم المتواصلة؟ هل ما نؤمن به في إقليمنا هو نفس ما يؤمنون به في أقاليمهم؟ هل تستقر في عقيدتهم فكرة أن "فلسطين عربية" ولم تكن في يوم من الأيام مُلكًا للصهاينة؟ هل "الهولوكست" في ثقافتهم أكذوبة أم أنها مثلما في ثقافة اليمين واليسار والوسط الغربي حقيقة دامغة ولابد من التكفير عنها بوطن قومي لليهود في فلسطين؟ القضية شائكة عند المثقفين الغربيين، وملتبسة عند الكثير منهم، ومتضاربة عند البعض الآخر.
إذا ما نطالب به عن حسن نية يرتد صداه بالرفض رغم اللف والدوران وفلسفة الحقائق وتأويلها، وتجييرها لصالح فكرة راسخة لدى الغرب في رسالة موجهة إلى "أدونيس" ورفاقه تُفسر الماء بالماء، والذي يقرأ الرسالة التي تم التوقيع عليها ممن يسمون أنفسهم بـ "الموقعون الأوائل" وعلى رأسهم الشاعر فرانسيس كومبس والفلاسفة الفرنسيون: فيليب تانسلين، وإيف فارغاس، والموسيقية كلوديا كريستياليس، والطبيبة إيزابيل لاجني، والمترجمة جان ماري، كل هؤلاء وأكثر وضعوا أيديهم في أيدي أدونيس ورفاقه "محمد بنيس وإبراهيم عبدالمجيد ونبيل عبدالفتاح" وغيرهم من بين نحو 70 مثقفًا عربيًا قاموا بالتوقيع على الرسالة لأصدقائهم الغربيين.
لم تمر سوى أيام قلائل حتى جاء الرد ناعمًا من المثقفين الغربيين إلى صديقهم أدونيس:
"كن على يقين يا عزيزي أدونيس ويا أيها الأصدقاء من المثقفين العرب أن التزامنا بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني لن يضعف، وأننا على دراية بالعمل الشاق الذي قمتم به منذ وقت طويل جدًا حتى يسمع الصامتون ويسود العدل والقانون".
كلمات في غاية الروعة، فقط مجرد كلمات، تمامًا مثلما هم مثقفونا الذين أطلقوا صواريخ حناجرهم المدوية ورصاصات أقلامهم الخارقة، ومواقف رواياتهم المتضاربة.
يتبع..
كاتب بحريني