العدد 5509
الثلاثاء 14 نوفمبر 2023
banner
قمة الحد الراهن
الثلاثاء 14 نوفمبر 2023

مهما قيل عن قمة الرياض، ومهما كانت التوقعات، إلا أن السقف المرتفع كانت تشوبه بعض المبالغات، تمامًا مثلما هو السقف المنخفض الذي لم يوقف العدوان على غزة، ولم يمنع قتل المدنيين الأبرياء في القطاع. سقف القمة كان أقل من مستوى الأحلام، حل الدولتين، دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية، عودة ما تيسر من اللاجئين، حد قاع القمة ألا تنعقد أصلاً، ألا يجتمع العرب والمسلمون، ألا يجلس الرئيس المصري مع الرئيس الإيراني لأول مرة منذ سنوات طويلة، وألا يعود الوئام بين مصر وتركيا، أو السيسي وأردوغان.
حد قاع القمة ألا يحدث هذا أو ذاك، ألا يتحقق التوافق على أن ما يحدث في غزة جرائم حرب، الاعتداء على المستشفيات، هدم مساكن المدنيين على رؤوسهم، الاستخدام المفرط للقوة، والتطهير العرقي والتهجير القسري لشعب أعزل من أرضه. كل ذلك تم التوافق عليه في حدود قاع القمة، أو حدها الأدنى، أو ما هو تحت السقف الحالم بكثير. الحد الأقصى هو ما كان يحلم به الرئيس السوري بشار الأسد في كلمته الرومانسية.
صوت العقل في نظر قادتنا الواقعيين لا يعني تفريطًا في أرض، ولا عدوانًا على عدوان، ولا تشجيعًا لقتل، صوت العقل أن نشرك العالم بأسره معنا، ذلك أن القضية ليست عربية، لكنها تمتد من الإقليم إلى خارجه، وإلا فلماذا لم ترسل الولايات المتحدة الأميركية حاملات طائراتها إلى مواقع القتال؟ ولأن القضية دولية، فلماذا تغير موقف الرئيس الفرنسي ماكرون ١٨٠ درجة بعد أن احتقن الشانزلزيه؟ ولو لم تكن القضية الفلسطينية دولية ما كان يتحرك أي ساكن لرئيس منظمة الصحة العالمية الذي أدان ضرب المستشفيات وطالب المجتمع الدولي بمتابعة الوضع الصحي المروع لأهلنا في غزة. الكلام سهل، والاستسلام أسهل، لكن فتح نافذة ليدخل منها الهواء لا يعني منع جميع أنواع الذباب من الدخول، وفتح الطريق نحو سيارة السلام السريعة، لا يضمن عدم مرور شاحنة ملغمة، أو سيارة مفخخة، أو متهور مخمور. 
من هنا كان لابد أن نعود إلى الممكن غير المستحيل، أن يرفض البعض مطالبات خجولة بمنع تصدير النفط، ذلك يعني من جانب بلاد التكنولوجيا قطع الإنترنت.
الدخول في حرب إقليمية يعني خرابًا لكل المنطقة، ولا يعني حلاً للقضية الفلسطينية.
ما توصلت إليه القمة يجب أن نبني عليه من دون أن ننسى الهدف النهائي من التجمع الإسلامي المهيب، وما حققته من مصالحات "شبه شكلية" لابد وأن نحقق من خلاله التواصل المقطوع، وما عاد به الزعماء من الواجب أن نشجعه ليس بوصفه أضعف الإيمان ولا لأنه سقف للحد الأدنى، إنما باعتباره أول الغيث.

كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2025 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية