العدد 5513
السبت 18 نوفمبر 2023
banner
فارق الأسلوب
السبت 18 نوفمبر 2023

لطالما شكل الأسلوب فارقاً كبيراً في الأحداث ومفترقات الطرق؛ فبقدرته أن يستصعب الأمور أو أن يستسهلها إلى الدرجة التي يستطيع بها إلانة الحديد، وهو ما يتميز به البعض، ويفتقده آخرون، استناداً إلى تكوينهم وأخلاقياتهم وكذلك مآربهم ومغازيهم الدفينة في أعماق النفوس.
فعلى سبيل المثال، يمكن لرئيس أن يكلف مرؤوسه بإخطار زميله بأنه استغنى عن خدماته منذ الساعة، فيصبح له الحق بأن يقول هذا الخبر كيفما يشاء. الخبر لن يختلف البتة، لكن أحدهم قد يقوله بعبارة أن الرئيس فصلك اليوم لأنك لا تتقن العمل، ويأمرك بجمع أغراضك الآن والرحيل، بينما آخر قد يقول إنه وصل إلى علمي بأنهم قد يستغنون عن خدماتك، وأنا أرى أنك كفاءة يفتخر بها أي مكان قد تنضم إليه. الفارق بين الأسلوبين كبير، رغم أن الخبر أو المعلومة واحدة، وهو ما يحدده الشخص المرسل بنفسه لطبيعة الأثر؛ إذ إن الاختلاف في الأسلوب من شأنه أن يترك أثراً جيداً في نفس المتلقي بمحاولة التقليل من حجم المعضلة أو الصدمة، أو أن يترك أثراً سلبياً يكون الناقل السبب الرئيس فيه.
كما يختلف الأسلوب تماماً ما بين طبيب وآخر؛ فهناك طبيب إذا شخص مرضاً فإنه يكون جافاً وسيئ الأسلوب عند إفادة المريض بحالته، بينما آخر قد يعطي شيئاً من الأمل بحسن أسلوبه، ما يسهم في تقوية وتحسين حالة المريض النفسية، وهو ما ينعكس بشكل إيجابي على مسار علاجه.
قد يطلب من أي كان إيصال خبر أو رأي، وبيده عندئذ أن يوصل الرسالة بالأسلوب الذي يعبر عن مكنوناته الحسنة أو السيئة، ولا أعتقد بأن الأسلوب الحسن يكبد الشخص العناء أو الصعوبة؛ فالإحسان في ذلك لا يكلف شيئاً، بل إنه يرفع من شأن المحسن ويزيده مكانة ورفعة عند الله والناس.
* كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .