العدد 5501
الإثنين 06 نوفمبر 2023
banner
خرافة قيم الغرب
الإثنين 06 نوفمبر 2023

كنا نظنّ - نحن الشعوب العربية - أنّ الغرب هو الحالة الأرقى على صعيد القيم والأخلاق. واعتقدنا – واهمين طبعاً – أن الديمقراطية الغربيّة النموذج الأجدر بالاقتداء، وأن عدالته المزعومة تُمّثل المَثَل الأعلى بالنسبة للعالم. غير أنّ الذّي اتضح لنا إبان الحرب الظالمة التي تجري على أرض غزة أن كل ادعاءات الغرب ليست سوى أكذوبة روَّجوا لها طوال قرون، وما حلمنا به ليس سوى أضغاث أحلام. إنّ السؤال هنا هل للغرب شخصيتان؟ أو بمعنى آخر هل ما يشاهد عبارة عن فيلم سينمائي بنسختين واحدة يعرضها هذا الغرب على نفسه والأخرى على دول العالم؟ لقد كشفت حرب غزة أقنعة الغرب، وإذا شئنا الدقة كشفت فضيحته وزيفه وسقطت حتى ورقة التوت التي تستره. لطالما تغنَّت أنظمتهم بالحرية لكن أية حرية تلك التي ينادون بها؟ إلاّ إذا كانت حرية سمكة القرش كما وصفها مفكر عربيّ، والتي تعني بالطبع حرية الأنظمة الاستعمارية التي تقوم أساساً على المتاجرة بلحم الآخرين واستعبادهم. الحرية بالنسبة لهم هو أن ليس هناك على ظهر الأرض سواهم، والعالم ضمن أملاكهم ويجب أن يخضع لهيمنتهم. إنّ حركة التاريخ ترفض مثل هذا النوع من القيم، وطالما أنّهم يهيمنون على وسائل الإعلام فإنهم بالتالي قادرون على قلب الحقائق وإظهار من يختلف على أنه “إرهابي ومتوحش”! 
إنّ الحرب الظالمة على غزة أظهرت الوجه القبيح للغرب ومن يدور في فلكهم، وكم هم مخطئون من يظنون أنّ العدالة يمكن أن تأتي في يوم ما على أيديهم. نعم بهرنا هذا الغرب بمنجزه الفكريّ، غير أنّ الإنسان المعاصر من الصعب إقناعه بالتفوق الحضاري ما لم يتطابق الفكر مع الواقع والنظرية بالتطبيق. الإنسان لا يبحث عن العدالة في بطون الكتب وحدها مهما بلغت من التميز والرقيّ، إنه يريد أن يلمسها سلوكاً حيّاً يمارس على الواقع، وهذا للأسف ليس واقعاً، وبالرغم من أنّ الحقائق ساطعة كالشمس في رابعة النهار فإننا لم نلاحظ من هذا الغرب أنه وقف مع المظلوم ضدّ الظالم ولا مع المقتول ضدّ القاتل! وأبلغ مثال هو محنة الأشقاء في غزة. يكفي أن ندلل باستعمالهم حق الفيتو أمام كل دعوة لعودة الحق للمظلومين.
* كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية