العدد 5497
الخميس 02 نوفمبر 2023
banner
ليس مقبولًا.. بل مرفوضا
الخميس 02 نوفمبر 2023

أتذكر جيداً كلمة سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة، مُمثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب، في إحدى المحاضرات عندما تطرق إلى موضوع ضرورة فتح أبواب المسؤولين للوقوف على احتياجات المواطنين، مؤكدًا أن هذا النهج هو ما تتبعه وتطبقه القيادة الحكيمة. شخصيًا أجد أن هذه الجملة يجب الوقوف عندها قليلًا، ففيها معان وعبر ورسائل كثيرة، إذ إن كلمة سمو الشيخ ناصر للمسؤولين لم تأت من فراغ، وأنا على يقين بأن سموه على اطلاع تام ومتابع عن كثب لكل ما يدور في أروقة ودهاليز وزارات وهيئات الدولة.

نعم أنا وغيري نبصم على هذا الأمر، والذي من المؤسف أن نراه متفشيًا في بعض الجهات الحكومية، خصوصا الخدمية منها، إذ نجد أن الكثير من المسؤولين يتقوقعون خلف مكاتبهم طوال اليوم ولا يحركون ساكنا! إن مهمة المسؤول ليس التصديق والموافقة أو رفض المعاملات حسب لائحة النظم والقوانين في وزارته فحسب، بل التأكد من أن النظام متبع من قبل الموظفين في دائرته أو قسمه، فمن الضروري أن يقوم بوضع آلية عمل ومتابعة مستمرة للاطمئنان على أن العمل يدار بطريقة سليمة واحترافية من قبل فريق العمل وأن يقابل ذلك رضا الجمهور.

في المقابل، فإن جهاز السكرتارية يلعب دورًا محوريًا في ضمان جودة الخدمات المقدمة للمراجعين، فهو من الوظائف الإدارية التي من شأنها إسناد المدراء بكل الإدارات، وذلك من خلال إمدادهم بالمعلومات المتعلقة بإتمام مهمات عملهم بمختلف المجالات سواء الفنية أو الأمور المكتبية والاتصال والعلاقات العامة، بالإضافة إلى أداء وتنظيم كل الأعمال الروتينية اليومية من أجل تخفيف الضغط عن المدراء، بما يضمن أداء المهمات في وقتها، كما أن جهاز السكرتارية يعتبر صمام الأمان للمسؤول لتواصله مع المراجعين لإيصال مشاكلهم ومتابعة معاملاتهم وإيجاد الحلول للصعوبات التي تواجههم في علاقتهم مع الجهات المختصة للحصول على خدمة أو إجراء طلب أو الحاجة لإحاطة المدير أو من كان في قمة السلم الإداري علماً، وطلب اطلاعه على مجريات الأمور أياً كان المستوى أو المنصب الذي يشغله المسؤول.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل أصبح موظفو هذا الجهاز يحاصرون أصوات المواطنين من موظفين أو مراجعين خلف جدران مكاتب المدراء سواء في مؤسسات القطاع العام أو الخاص بحيث تحجب أصواتهم عن المطالبة بحقوقهم التي كفلتها لهم الدولة وإدخالهم في فترات من الانتظار وسلسلة من مواعيد المراجعات والذهاب والإياب دون جدوى.

فكثيرًا ما نسمع عن معاناة المواطن البسيط عندما يلجأ لطلب العون لحل مشكلته أو الاستفسار عن خدمة أو حق من حقوقه فيجد الأبواب مغلقة، بل محاطة بسياج منيع له بداية وليست له نهاية يحول دونه ودون آخرين على قوائم الانتظار بين اعتذار وانشغال واجتماع وأعذار وتجاهل أرقام الاتصال، وهكذا على مدار العام دون أمل في الحصول على الرد أو الحق، وذلك ما يخلق إحباطًا ومعاناة نفسية وحالة عامة من النقمة لدى شريحة كبيرة من المجتمع على تلك الجهات والمسؤولين فيها وبالذات الجهات الحكومية التي عولت عليها القيادة الحكيمة في توفير الحياة الكريمة الهانئة للمواطنين.

كلي أمل أن يقوم جهاز الخدمة المدنية بتطبيق نظام صارم وعادل للتصدي لهذه التجاوزات أو التقصير في أداء العاملين في الهيئات والوزارات الحكومية والعمل على تطبيق النظم الإدارية، وذلك لضمان سرعة إنجاز المعاملات التي ستسهم جليًا في تطور وازدهار هذا الوطن الغالي. والله من وراء القصد.

كاتب وإعلامي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية