تتميز منصة اليوتيوب بأنها منبر إعلامي مهم يتم استخدامه من قبل المؤسسات الحكومية والتجارية والجماعات والأفراد لبث الرسالة والآيديولوجيا والدعاية للفكر والسياسة التي يؤمن بها صاحب القناة باليوتيوب. وبعيدا عن الشخصيات السوية التي تستخدم هذه المنصة بكل عقلانية، فإن هناك فئة من هؤلاء المستخدمين اتجهوا اتجاها آخر لبث رسالتهم الإعلامية التي ترتكز على نظرية فرعون، وهي "أنا ربكم الأعلى". والنظرية الفرعونية تعني أن الشخص مقتنع تماما بأنه الصادق الأوحد بالعالم الذي لا ينطق إلا بالحق، وبأن على الجميع تصديقه والإيمان بأنه لا ينطق إلا بالحقيقة تماما كما كان فرعون الغريق يسوق لنفسه أمام شعبه الفرعوني.
فمثلا برامج مذيعي وقادة الإخوان المسلمين وعملاء الأجندات الخارجية باليوتيوب، هي أصدق مثال لنظرية فرعون، فهم مقتنعون تماما بأن على الشعب المصري والعراقي والسوري واليمني وبقية بلاد العرب، طاعتهم وتنفيذ أوامرهم بالثورة على الأنظمة العربية وإسقاطها وتحريض المجتمع ضد ما يسمونه الظلم والقمع والفساد بكل مقطع يبثونه. أيضا نرى إخوان فلسطين والفصائل الفلسطينية تمارس الفرعونية من خلال إيهام المشاهدين بأن دول الخليج الثلاث هي من باعت فلسطين وخانت القضية من خلال مقاطعهم وبرامجهم باليوتيوب، والتي يريدون للمشاهد الإيمان بها لأنهم صادقون ولا يقولون إلا الحقيقة.
الليبراليون أيضا مقتنعون تماما بأنهم هم وحدهم حملة التنوير والإصلاح والحرية والتطور والديمقراطية، وبأن الأنظمة العربية هي أنظمة قمعية متخلفة لم تحقق للمجتمع الازدهار، وذلك من خلال كما نقول "التفلسف" بتنظيرات وأفكار كلها تعتمد على نظرية فرعون "أنا ربكم الأعلى" خلال بثهم محتواهم وبرامجهم باليوتيوب.
التائهون بالأرض الذين لا يحملون فكرا أو مبادئ أو أهدافا، أيضا أصابتهم لوثة الفرعونية وأصبحوا يرمون الشتائم والاتهامات والأكاذيب ضد مصر والسعودية وبقية البلاد العربية، فقط لأنهم مقتنعون بأنهم الوحيدون الذين يقولون الحقيقة والإصلاح وبأن البقية كاذبون.
كل هذه الشخصيات التي ترتكز على نظرية فرعون، بمثابة كهنة إعلاميين يعتقدون ويؤمنون بصدق كل حرف يقولونه، وبالتالي فإن على المتابعين والمجتمع تصديقهم لأنهم كهنة اليوتيوب.

كاتب سعودي متخصص في الإعلام السياسي