العدد 5466
الإثنين 02 أكتوبر 2023
banner
معلقات حتى إشعار آخر
الإثنين 02 أكتوبر 2023

كانت هناك أصداء إيجابية لإصدار قانون الأسرة (في عام 2017م) للعشرات وربما المئات من النساء (المعلقات)، حيث تفاءلن بأنّ هذا القانون الحضاري سينتشلهن من واقعهنّ المرير، بل وسينهي عذاباتهنّ التي لا حصر لها، والمعلقات اللاتي أقصدهن الزوجات المقهورات والمسحوقات والمنتهكة حقوقهنّ الأسرية ومن تعرضن لظلم لا مثيل له وبقين على أرصفة الحزن والانتظار. إنّ عام 2017م الذي أعلن فيه القانون أنهى عذابات كثيرات، لكن المحزن أنّ هناك أخريات متعلقات بالأمل حتى الآن، ويوشك صبرهنّ على الانفجار، فقضاياهنّ مجمدة في أروقة المحاكم.
إنّ النظرة المتجردة لواقع المئات من المعلقات تشعرك بأنّ ما يحدث لا ينحصر في كونه خلافات أسرية، لكن المؤسف أنه تحول إلى ممارسات لا إنسانية من فئة من الأزواج، والنماذج أمامنا تستعصي على الحصر. البعض منهم ما إن تدب الخلافات حتى تتحرك لديه الغريزة العدوانية والوحشية، والأدهى ممارسة ابتزاز تجاه رفيقات العمر بغرض كسب أكبر قدر من المال. إنّ ظاهرة الابتزاز أصبحت للأسف البالغ تسلية للمعقدين والفاشلين وفاقدي الضمير الإنسانيّ، فتراهم في ضيق عندما تنال المرأة حقوقها وتعيش حياتها كإنسان. لعل أخطر ما في هذه الظاهرة أنّهم يرفعون في العلن شعارات الحداثة، ويختبئون خلف لافتات التقدم، بينما ممارساتهم أمام أفراد أسرهم تخالف هذا تماماً. فتعاملهم اللاإنساني وغير الأخلاقيّ والسادي في بعض الأحيان تجاه الزوجة لا يمت إلى التحضر، فضلا عن كونه مخالفة صريحة لما تنص عليه الشريعة، وكما نرفض كل أشكال العنف فإننا نرفض أن تبقى المرأة معلقة تجتر آلامها وأحزانها آناء الليل والنهار.
ولكي نعيد الاعتبار للمئات من المعلقات، ولرفع كل أشكال الظلم عنهن، فلابدّ من الإقدام على اتخاذ الإجراءات الحاسمة إزاء كل من يتجاوز القانون، وإنه لمن المفارقات أنّ ابتهاج الكثيرات بقانون الأسرة بوصفه سيضع حدا لتوحش البعض، إلاّ أنّ قضاياهنّ لا تزال على حالها، ليس من المنطق ولا من المعقول أن يتهرب ويتنصل الكثير ممن مارس الظلم من واجباته ومسؤولياته، والذي نرجوه رفع الظلم وبأقصى ما يمكن عن المقهورات، فبقاؤهنّ معلقات تدفع ثمنه فئات المجتمع كافة.
*كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية