كم هو محزن ومؤسف أن لا يمثل الكتاب أولوية لدى هيئة البحرين للثقافة والآثار، نقول هذا بعد إعلان الهيئة الاعتذار عن تنظيم معرض الكتاب المزمع إقامته في شهر فبراير من العام القادم، الأمر الذي شكل خيبة أمل مريرة وكبيرة لجميع الكتّاب وعشاق الثقافة على اختلاف ميولهم وتوجهاتهم، كان الجميع بانتظار هذا العرس الثقافيّ البهيج، خصوصا أنه يأتي بعد غيبة دامت أربع سنوات من القحط الثقافيّ. إلغاء المعرض جاء بلا مبرر من قبل الجهة المنظمة له، وهي هيئة البحرين للثقافة، ولو كانت هناك أسباب مقنعة ساقتها الهيئة لاعتذارها عن إقامة المعرض لربما خفف من هول الصدمة والفراغ، بيد أنّها اكتفت بالاعتذار عن التنظيم. إنّ البعض يعتقد أنّ معارض الكتب تنحصر أدوارها في عملية بيع الكتب فحسب، لكن الواقع يدحض هذا الاعتقاد، خصوصا ما شهدته معارض الكتب في السنوات الأخيرة، فقد تحولت إلى مهرجانات ثقافية عبر إقامة الندوات وتواقيع الكتب الصادرة حديثا، ناهيك عن تحولها إلى ملقيات فكرية وثقافية للمفكرين والكتّاب من شتى بقاع الوطن العربيّ.
هل يسامحنا القائمون على هيئة البحرين للثقافة إذا قلنا إنّ إعلانها إلغاء معرض الكتاب لا يصب في صالح الثقافة أبدا، ومن هنا فإننا نناشد هيئة البحرين للثقافة والآثار دراسة جدية إقامة المعرض، ونظنّ أنّ الوقت لا يزال متاحا للتراجع عن قرارها، ذلك أنّ إقامة معارض الكتب تقع من صلب اهتماماتها، وإشاعة الثقافة والمعرفة هدف أساسي ليس بالوسع التنصل منه. الذي لا يغيب عن البال، مشاهد المئات من عشاق القراءة وهم يقبلون بنهم لا نظير له على معارض الكتب، يعانقون الكتاب كما يعانق الجائع رغيف الخبز الخارج للتو من الفرن، وكما يضمون حبيبا عائدا من سفر طويل، فلماذا نحرمهم من هذه المتعة؟ ولفت نظري فور إعلان الهيئة الاعتذار عن إقامة المعرض ما عبّر عنه كتاب ومثقفون بحرينيون من أسفهم وخيبتهم، وجاء في كلمة للباحثة والكاتبة المتميزة باسمة القصاب “معارض الكتب ليست أكشاكا لبيع الكتب فقط، بل تفاعلا ثقافيا حيويا ونابضا، وإشارة ثقافية تشعرك ولو قليلا بأنّ البلد مازال فيه رمق حياة، وإلا من يصدق أنّ البحرين بلا معرض كتاب منذ أربع سنوات؟ نحن بأمس الحاجة إلى حدث يشعرنا أن ثمة ماء يجري في عروق الثقافة، هل نصلي صلاة استسقاء ليحط غيثك علينا كتابا يا هيئة الثقافة؟”.
* كاتب وتربوي بحريني