العدد 5437
الأحد 03 سبتمبر 2023
banner
أعيدوا العصا للمعلم
الأحد 03 سبتمبر 2023

قد يبدو مستغربا من معلم أمضى ثلاثة عقود في سلك التربية والتعليم أن يقلب منطق الأشياء وما سطرّه رجال التربية والتعليم من نظريات تربوية ويطالب بعودة العصا كأداة للتربية لا مفر منها، لا نختلف مع القرارات الصادرة من وزارة التربية والتعليم بمنع الضرب منذ سنوات بعيدة، لكنّ السؤال اليوم هو هل حققت تلكم القرارات الأهداف المتوخاة من المنع؟ أم أنّ الوضع ازداد سوءا؟


الدعوة للعصا أطلقها أحد العاملين في التربية والتعليم بإحدى الدول العربيّة “لإصلاح ما أفسده الآباء.. وأنّ أجيالا برّمتها ضاعت”، ويمكننا إضافة سبب جوهري يتمثل في استعادة المعلم هيبته التي أمست في خبر كان، ولتسمح لنا وزارة التربية والتعليم بأن نكون أكثر صراحة بالقول ليس بوسع المعلمين والمعلمات اليوم صناعة أجيال مثقفة وقد جردتهم من جميع الصلاحيات المتاحة لهم أو كانت.


المعضلة التي أمامنا استعرضها أحد الباحثين في حقل علم النفس التربوي، وهو د. إسماعيل عرفة قائلاً: عندما يقع شجار بين طالبين أو مع أحد مدرسيهم يستدعى الطالب إلى الإدارة ليتخذ الإجراء العقابيّ، لكن عندما يخبر الطالب أباه أو أمه وبدلا من تربية الوالدين للطفل بنهره وتعليمه درسا في الأخلاق، نفاجأ بأنّ والديه يقدمان شكوى ضد المدرس لأنه آذى ابنهم نفسيّاً! ليس أسهل من التغنيّ بنظريّة تربويّة تم الأخذ بها في هذا البلد أو ذاك، وتمت صياغتها وفق أحدث المبادئ التربوية، وأنها حسب المنظرين في الميدان التربوي ستكون منقذا للأجيال الجديدة من حالتهم، لكن الصدمة عندما تأتي النتائج معاكسة لما توقعوه وقد خرجت أجيالا فاقدة كل القيم. لسنا دعاة عنف عندما ندعو إلى العودة إلى العصا، ذلك أنّ ما يشاهد من سلوكيات عدد ليس قليلا من الطلبة ينذر بكارثة حقيقية. قد يعترض البعض بالقول إنّ ما يحدث وسيحدث ليس مستغربا وهو من الأمور المتوقعة، لكن أي معلم تلقاه مصادفة يحدثك بمرارة وأسى عن انهيار أخلاقيّ مدمر، وهو مجبر على تأدية واجبه دون أن تكون لديه أية إمكانية لوقف هذا الانهيار. ليت من بيدهم القرار يعيدون النظر في القرارات التي أدت إلى تنمّر العديد من الطلبة.


كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .