العدد 5463
الجمعة 29 سبتمبر 2023
banner
يؤلف كتبا في الفلسفة ويرفض الميتافيزيقا
الجمعة 29 سبتمبر 2023

عندما تغطس في بحار الكتب للتزود بالمعرفة، تكتشف أنماطا من البشر، تتعامل مع الإبداعات تعاملا مزاجيا، وربما يعانون من التضخم الفردي ويلوحون بسيفهم من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق وحتى العصر الحجري، وأحد هؤلاء الفيلسوف النمساوي “لودفيج فتجنشتين” الذي يدخلك في دائرة متشابكة مشتتة، وعندما تستعرض سيرته قد تصاب بالتهاب عنيف في القصبات جراء الحر والبرد، فهو كما يصفونه بأنه فيلسوف غريب وشخصيته كفلسفته المثيرة، فهو يحذرنا دائما من قراءة كتب الفلسفة ويهاجم الفلسفة ويجعل منها لغوا لا فائدة منه، بينما يؤلف كتبا في الفلسفة، ويرفض الميتافيزيقا، ويجعل منها شيئا لا يمكن رفضه أو قبوله لأنها ببساطة لا معنى لها، بينما هو يتفلسف كالميتافيزيقيين تماما. وهو صاحب فكر خطير وتأثير نفاذ إلى درجة غير مألوفة على الإطلاق، فهو لم ينشر في حياته إلا مقالا واحدا وكتابا صغيرا في سن الثانية والثلاثين، كان له تأثير في خلق اتجاهات فلسفية جديدة، على رأسها الوضعية المنطقية، وعندما حلت الفلسفة اللغوية التحليلية بعد الحرب العالمية الثانية محل الوضعية المنطقية التي كانت هي الأخرى تستمد أهم أفكارها وعقائدها وتطبيقاتها من أعماله الأخيرة التي نشرت بعد وفاته.
وقد كان فيلسوفا قلقا بأتم معنى القلق، يؤرقه الغموض فينشد الوضوح المطلق ويقول “إن ما يمكن قوله على الإطلاق يمكن قوله بوضوح، أما ما لا نستطيع أن نتحدث عنه فلابد أن نصمت عنه”، والعجيب في أمر هذا الفيلسوف أنه اهتم بدراسة الطيران في شبابه، وفي عام 1903 كان الأخوان رايت قد صنعا الطائرة لأول مرة، وكان يقوم بأبحاث في تصميم محركات للطائرات، وذات يوم سأل من تتلمذ على يده.. أرجو أن تخبرني إن كنت غبيا، لأنه إذا أخبره أنه غبي فسيصبح ملاحا جويا وإذا لم يكن غبيا فسيصبح فيلسوفا.
أعاجيب وكوارث متغيرة في حياة هذا الفيلسوف الذي يرغمك على التوسع في قراءة سيرته بالإطالة المملة.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .