تلقيت مقطع فيديو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، عن فتاة يابانية في المرحلة الثانوية تستقل القطار الذي يصل قريتها النائية للذهاب إلى المدرسة وحدها فيه! وهنا مربط الفرس، فقد لاحظ المسؤولون بأن ذلك لم يعد مقبولًا، حيث إن تشغيل القطار سيكلف الدولة مبالغ طائلة، وكان أبسط حل إيقاف الخدمة! إلى هنا فإن القرار يعتبر طبيعيا ومتوقعا وقد يحدث في أية دولة في العالم، لكن ما هو غير طبيعي ومستغرب جدًا هو أن الحكومة اليابانية قررت الاستمرار في توفير هذه الخدمة إلى أن تتخرج الطالبة!  قد يقول البعض إنه قرار غير حكيم! لكن من وجهة نظر الحكومة التعليم من الأمور المقدسة، ولا يمكن المساس به بأي شكل من الأشكال، بل يعتبر من أهم الحقوق الممنوحة لمواطنيها! ناهيك عن التركيز على الجانب التربوي من خلال تعليمهم العمل بروح الفريق الواحد وتوفير الأكلات الصحية والقيام بتنظيف الفصول والكافتيريا وحتى دورات المياه وغيرها من القيم الاجتماعية الرائعة، ألا تتفقون معي بأن الحكومة اليابانية تستحق أن نرفع لها القبعة.

وأنا أتابع هذا الفيديو عن الطالبة اليابانية تذكرت قرار جامعة البحرين بالعام الماضي عندما أصدرت قرارًا مجحفا بحق الطلبة، وهو وقف المواصلات عنهم، وما شاب ذلك من إرباك للكثير منهم ولعائلاتهم، حيث تكبدوا عناء توفير مواصلات خاصة أو شراء سيارات خاصة لأبنائهم!

فبدل أن تقوم الجامعة بتحسين خدمات المواصلات العامة وتهيئة الطلبة لحضور المحاضرات فإنها قامت بتضييق الخناق مبررة ذلك بترشيد الإنفاق والمحافظة على البيئة! فقد أوضح الطلبة أن الباصات ستستغرق وقتًا طويلًا للوصول إلى الجامعة، إذ تمرّ بمحطّات كثيرة، عدا الرسوم اليومية التي سيضطر الطالب لدفعها ذهابًا وإيابًا. في المقابل، أوضحت الجامعة حينها أنها استبدلت ذلك بالباصات التي توفرها وزارة المواصلات والاتصالات من خلال باصات النقل العام! فعلى مدى السنوات الماضية، ظلت جامعة البحرين تشجع منتسبيها من الطلبة والأكاديميين والإداريين على استخدام المواصلات العامة لما في ذلك من تخفيف على استخدام الطرق، والتقليل من بث الغازات الضارة الناجمة عن احتراق الوقود...!

لا أريد أن أطيل أكثر، فإن الموضوع حسم ولم يتغير شيء منذ مطلع العام الدراسي المنصرم إلى يومنا هذا! فشتان بين الثرى والثريا.

كاتب وإعلامي بحريني