العدد 5442
الجمعة 08 سبتمبر 2023
banner
التمويل المصرفي وحماية البيئة
الجمعة 08 سبتمبر 2023

كل العالم يشهد تغيّرًا كبيرًا في المناخ، والشهور الأخيرة كانت أكثر حرارة من المعتاد والحرائق تغطي غابات العالم وتنهشها وبسبب الحرارة بدأت الثلوج القطبية في الذوبان، وتأتينا المصائب والكوارث والأمراض الكريهة وهناك مؤشرات بعودة الكوفيد وما أدراك ما الكوفيد وتوابعه. وبيئتنا الجميلة الخضراء وجونا اللطيف ومياهنا الحلوة تتحول إلى النقيض مما يجعل الحياة في خطر للإنسان والحيوان والنبات. ومن الدراسات هناك نباتات وحشرات انقرضت والمزيد في الطريق للانقراض، وإذا استمر الحال قد ينقرض الإنسان كما انقرض الديناصور. وبكل أسف، كل هذا بفعل الإنسان الذي أفسد وأساء استخدام الموارد في مخالفة للتعليمات الإلهية “ولا تفسدوا في الأرض” وإفساد البيئة يعتبر أكبر إفساد في الأرض.


والآن، وأن تأتي متأخرًا خيرًا مما لا تأتي، هناك “نفرة” ووقفة عالمية لإصحاح البيئة وتجنب ما يضرها والاستعداد لإعادة اخضرارها وزينتها، لننعم بحياة جميلة نظيفة وسط “الخضرة والماء والوجه الحسن”. والآن في شتي بقاع العالم ينعقد المؤتمر العالمي لتغيير المناخ. وفي البحرين، بالتوازي، ينعقد في هذه الأيام المؤتمر العالمي الأول للمياه والطاقة وتغيير المناخ، وكل هذه استعدادات طيبة مفيدة وفي هذا تقوم البحرين بدورها الوطني والعالمي للمساهمة الفاعلة في إصحاح البيئة. ومن دون شك، فإن إصحاح البيئة ومناهضة تغيير المناخ يحتاج لكل مؤسسة وكل دولة وكل فرد وأنا وأنت أولهم.


وعلى كل جهة في البحرين القيام بدورها المنشود في حماية البيئة والتقليل من تغيير المناخ، وعليها وضع يدها مع كل الجهات الأخرى حتي تكون الحماية قوية وبيد واحدة والوحدة ضرورية هنا وهناك.


ومن الجدير بالذكر، أن العمل المصرفي في مملكة البحرين ليس بعيدًا من هذه “النفرة” لأنه يشجّع التمويل الأخضر الذي يقود بدوره إلى البيئة الخضراء الصحيحة. والتمويل الأخضر، هو مصطلح لسياسة انتهجتها العديد من الحكومات منذ القرن الماضي. وبموجب هذه السياسة، أصبحت الدول تشجع البنوك ومؤسسات التمويل لانتهاج مبادئ التمويل الأخضر والسير وفق برامجه ونهجه.

وهذا الوضع يتمثل في عدة خطوات وإجراءات من أهمها، وضع أسس واضحة في سياسة التمويل بحيث لا يتم تمويل أي مشروع أو برنامج مهما كان حجمه قد يضر بالبيئة مثل انبعاث الكربون والملوثات التي تضر بالبيئة والأوزون وانبعاث الدخان والروائح الكريهة من المصانع وتسرب المياه والقاذورات لمياه البحار مما يضر بالثروة البحرية والسمكية وتلوث المياه. وهناك بلدان، دون ذكر اسمها، من أول وهلة تشعر بالغثيان لتلوث الجو وتلوث المياه وتلوث الأكل وغيره. وهذا نتاج طبيعي لعدم الاهتمام بالبيئة والبشر.


والبنوك ومؤسسات التمويل تقدم الكثير من الأموال مثلاً، لبناء العمارات وناطحات السحاب وتشييد المصانع والمخازن والمنازل السكنية، وهذه النهضة العمرانية تحتاج لأن تكون صديقة للبيئة باستخدام مواد البناء التي تحافظ على البيئة وتحافظ على الجو المناسب داخلها بدون مكيفات، مع التركيز على تمويل منتجات استخدام الطاقة البديلة في المنازل والطرقات والأزقة. ونفس النهج مطلوب في تمويل المشاريع الزراعية الكبيرة من حيث حسن استخدام المياه والاقتصاد في كمياتها واستغلال التربة بطرق فنية سليمة تقلل من استخدام المواد الضارة للطبيعة والأسمدة غير الطبيعية وكذلك نظافة وصحة الحيوانات المنتجة للحوم والألبان وتناولها للغذاء الطبيعي الخالي من المنتجات الكيماوية المسببة للسرطان والكولسترول وخمول الكلى وغيره.


أيضًا على البنوك ومؤسسات التمويل، وضع شروط إلزامية بصفة أولية في عقود التمويل تلتزم فيه الشركات والمصانع بتقليل الضوضاء الضارة والأصوات المزعجة، وكذلك الالتزام بعدم إنتاج أو تصنيع ما يضر بالبيئة والإنسان والحيوان والجو المحيط بها. مثلًا إلزام شركات إنتاج السيارات أو الطائرات أو النفط والغاز وذلك بالعمل وفق معايير فنية سليمة لا تضر البيئة في مرحلة الإنتاج وكذلك في أثناء مرحلة الاستخدام. ومن المعروف أنه تم إيقاف إنتاج بعض الطائرات لضررها البالغ للبيئة، وهذا هو المطلوب في مواجهة العديد من الشركات التي تفكر في الأرباح لمصلحتها وضرب الحائط بمقولة الاهتمام بالبيئة والمناخ والمياه الطبيعية النظيفة.


وفي بعض البلدان هناك شروط تضعها البنوك عند تمويل المشاريع الزراعية الكبيرة بإلزامهم بزرع الأشجار حول هذه المشاريع لمقاومة جرف التربة والأهوية والتصحر. وكل هذا يجعل البيئة خضراء جميلة للحاضر وللمستقبل. ونلاحظ في البحرين، عمومًا، الاهتمام الكبير بتوجيهات زرع الأشجار للحفاظ على البيئة والتربة وتلطيف الجو مع الخضرة الجميلة التي تسر العين.. وعلى البنوك ومؤسسات التمويل وضع الضوابط القانونية الضرورية لتحقيق هذه السياسة والسير وفق نهج الدولة حتي تكون أداة من أدوات الحفاظ على بيئة خضراء جميلة نظيفة في البحرين. ولننعم ببيئة صديقة نظيفة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية