العدد 5428
الجمعة 25 أغسطس 2023
banner
المسؤولية المجتمعية للشركات
الجمعة 25 أغسطس 2023

 نرحب بالاهتمام الكبير الذي توليه صحيفة "البلاد" لتحفيز المسؤولية المجتمعية للشركات البحرينية، وندعم هذا التوجه لما له من مردود كبير في تطوير العمل المؤسسي المجتمعي السليم. وفي البحرين تم اصدار مبادئ حوكمة الشركات متضمنة الأحكام الخاصة بالمسؤولية المجتمعية للشركات، وعبر هذه الأحكام المرنة تكون البحرين ضمن المنظومة العالمية لتطوير المجتمع المؤسسي.
وكل العالم مهتم بالمسؤولية المجتمعية للشركات وينادي بها لصالح المحتمع قاطبة. وهناك "ميثاق عالمي خاص بالمسؤولية الاجتماعية صادر من الأمم المتحدة في 1999". وتوجد أجهزة لمتابعة تنفيذ الميثاق لجعله واقعا معاشا. وهذا الميثاق يتناول ماهية المسؤولية الاجتماعية والمحاور والمبادئ الرئيسية التي يجب إتباعها لضمان تنفيذ الشركات لهذه المسؤولية بجدارة. والمبادئ العالمية للمسؤولية المجتمعية للشركات تشمل حقوق الإنسان، وحقوق العمل، وحقوق البيئة، ثم مكافحة الفساد بما فيه من الابتزاز والرشوة واستغلال النفوذ والمحسوبية. ونشير إلي أن مبادئ هذا الميثاق مستمدة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإعلان منظمة العمل الدولية المنظم للحقوق الأساسية في العمل، وإعلان "ريو" بشأن البيئة والتنمية، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. وتم تجميع هذه المبادئ تحت بوتقة واحدة تمثل الميثاق العالمي للمسؤولية المجتمعية للشركات التي يجب الالتزام بها حتى تصبح الشركات جزءا فاعلا وفعالا في المجتمع الذي تربح من لحم أكتافه. 
ومبادئ الميثاق العالمي تركز بأنه على الشركات العمل لحماية حقوق الإنسان واحترامها، وتأكيد أنها ملتزمة بعدم القيام بانتهاك حقوق الإنسان أو البيئة مع العمل في أجواء بعيدة عن الممارسات الفاسدة والمفسدة. هذه هي المعايير والمبادئ العالمية الأساسية التي يجب العمل على تحقيقها لخدمة المجتمع. فهل تقوم الشركات بوضع هذه المبادئ في الاعتبار عند تنفيذها المسؤولية المجتمعية؟ أو أنها تنظر لهذا الموضوع من زاوية دعائية وللعلاقات العامة فقط.
إذا تناولنا المعايير الخاصة بالعمل مثلا، فان مبادئ الميثاق الأممي تنص على ضمان حقوق الإنسان وحقوق العمل، وهنا مسؤولية اجتماعية كبيرة. وبالنسبة للمبادئ المتعلقة بالبيئة ومكافحة الفساد، فالميثاق العالمي يضع إطارا يسمح بموجبه للشركات الملتزمة بمواءمة أعمالها وإستراتيجيتها مع تلك المبادئ "العشرة" المقبولة عالميا ومنها حقوق الإنسان وحقوق العمل والبيئة ومحاربة الفساد. والميثاق العالمي يعتبر أكبر مبادرة عالمية لخلق "حس" المواطنة لدى الشركات لانه يركز قبل كل شيء على إظهار واكتساب المشروعية الاجتماعية للشركات التجارية والأسواق، لأن ممارسة الأعمال التجارية من مبادئ عالمية سيسهم في إقامة سوق عالمي أكثر استقرارا وإنصافا، ويساعد في بناء مجتمعات تعيش في أمن ورخاء.
ومن المبادئ العالمية، تبرز أربع أركان للمسؤولية المجتمعية للشركات تتمثل في مكان العمل، المجتمع، البيئة، والسوق. ولهذا، فمن يعمل في الشركة يمثل  الرصيد الأكبر لها، لذلك فإنها تحتاج للاستثمار فيهم والعمل على تحسين وترقية معيشتهم دون تمييز واستقرار عائلاتهم التي تمثل شريحة كبيرة من المجتمع.
والشركة المسؤولة اجتماعيا تظل تعمل مع مجتمعها للمساهمة في إيجاد حلول للمشكلات الاجتماعية المحلية، والحد من أي تأثير سلبي في البيئة وتحقيق إصحاح الواقع البيئي المطلوب لحياة نظيفة وصحية للإنسان والحيوان والنبات. ولذا، على الشركات الامتناع عن إنتاج كل ما يضر البيئة والعمل من أجل الصناعة الخضراء الصديقة للبيئة. ومجالات هذه الصناعة كثيرة وتحقيقها سيجعل العالم أخضر وبيئته نظيفة صحية لصالح المجتمع.

إن مفهوم المسؤولية الاجتماعية بدأ في العالم منذ نهايات القرن الماضي وأخذ مداه في السنوات الأخيرة خاصة بعد الأزمة المالية العالمية في العام 2008 بعدما تم طرح السؤال الكبير، هل تعمل الشركات لتحقيق الأرباح فقط؟ وكرد فعلي لهذا الاستفسار لم يعد هناك شركة كبرى ليس لديها قسم خاص للمسؤولية المحتمعية. ومن المهام الأساسية للقسم القيام بإصدار تقارير وافية عن المجتمع ورصد احتياجاته وتقارير عن البيئة وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد والعمل بنزاهة. وفي جميع الأحوال العمل على أن تكون "المسؤولية المجتمعية للشركات" بابا للعمل التطوعي المستمر النابع من مفاهيم أخلاقية وإنسانية. ويجب ألا تنظر الشركات لهذا الأمر لاستغلال الأوضاع أو التهرب من الضرائب أو لغيره من الغايات الذاتية. والمجتمع لديه عقل وشعور واستشعار عن بعد لمعرفة الشركات الجادة للأخذ بيده أو التي تركب الموجة للدعاية والظهور الإعلامي والجعجعة بدون طحين. "وقل اعملوا".
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .