استوقفني خبر نشرته الصحف المحلية، أعتبره جديرا بالاهتمام لما يحمل من قيم افتقدناها في مجتمعاتنا، يقول الخبر إن السلطات في كوريا الشمالية أصدرت واحدا من أغرب قراراتها الأمنية، ألا وهو سجن من يستخدم الصحف المحلية لغير القراءة! وجاءت هذه الحملة بعد أن اكتشفت السلطات هناك بأنه يتم لف التبغ لصنع السجائر من أوراق الصحف وعليها صور زعيم كوريا الشمالية، كما تبين أن سكان كوريا يقومون كذلك باستخدام أوراق الصحف في تغليف الأطعمة والخبز والحلويات والجدران! وأوضحت السلطات المحلية هناك بأنها سترسل من يخالف القرار إلى معسكرات الاحتجاز والعمل الشاق، لأنهم لم يحترموا ما يعتبر أعلى كرامة في البلاد.
الحقيقة وإن اختلفت ظروفنا عنهم، فأنا من المتعاطفين مع هذا القرار، لكن ليس بهذه الشدة، فهذا القرار يهدف لفرض الاحترام ليس للقيادة فحسب، بل لديننا الحنيف، إذ إن الكثير من صفحات الصحف تتضمن آيات قرآنية وإعلانات التعازي والنعي وغيرها، ناهيك عن صور رؤساء وملوك الدول الشقيقة والصديقة، فمن غير المعقول أو الأصول والذوق العام أن نقوم بإعادة استخدامها في أمورنا الحياتية اليومية كبعض الأشخاص الذين يقومون بفرشها وتناول الطعام عليها! للأسف ظاهرة وضع الأطعمة في أوراق الجرائد والمجلات تعتبر من أكثر الأمور انتشاراً وشيوعاً في المجتمع، خصوصا مع الأطعمة الساخنة، ناهيك عن الأمور الصحية الوخيمة التي تترتب على الاستخدام الخاطئ لأوراق الصحف التي تحتوي على كميات كبيرة من الحبر.
موقع “بولد سكاي” المهتم بالصحة العامة، كشف أن لف الأطعمة بأوراق الجرائد أمر غير صحي، ويسبب الكثير من الأضرار، خصوصا تلك الأطعمة المقلية وغيرها من المأكولات الشعبية، ويؤكد الموقع بأن الحبر يحتوي على الكثير من المواد الكيميائية المسببة للسرطان، والتي تظهر أضرارها في المستقبل، خصوصا على الأطفال وكبار السن. أتذكر جيدا ونحن صغار بأن هذا التصرف كان مرفوضًا، بل من الممنوعات في بيتنا، وكانا الوالدان رحمهما الله يصران على عدم إساءة استخدام الصحف وجعلها للقراءة فقط، كما يتم منعنا حتى من وضعها على الأرض.

* كاتب وإعلامي بحريني