أراد أحد كتاب الغرب أن يؤكد ضرورة التخطيط بالنسبة للنشاط التلفزيوني، فشبه الفضائيات بمارد إحدى الأساطير الجيرمانية، له قوة خارقة وطاقات فوق مستوى التصور البشري، نزل إلى القرية فأعمل فيها هدما وتحطيما وتخريبا، فتجمع حكماء القرية ليتشاورا في أمر هذا المارد، ونجحوا في أن يركبوا عقلا في رأسه، فلما أصبح الصباح كان المارد بقدراته الهائلة قد أخذ على عاتقه مساعدة كل أهل القرية في أعمالهم، يحمل عن العمال أثقالهم ويقوم بطهي الطعام وإنضاج الخبز ويحمل الأطفال على كتفيه لينقلهم من مكان إلى آخر.
لهذا تعتبر الفضائيات قوة حضارية دولية من أجل البناء والتفاهم، ولها دور كبير ومؤثر في التثقيف والتوجيه والتسلية والترفيه، لكن يستطيع المرء أن يقول في ثقة إن بعض الفضائيات العربية تقدم إنتاجا ساقطا من البرامج وانغماسا متعمدا في الإسفاف كما وكيفا، وتسير على قاعدة تخريب وتلويث العقول. 
فضائية عربية معروفة بتقديم برامج المنوعات منفصلة كليا عن واقع المجتمع العربي المحافظ، عبر تقديم فقرات وبرامج منحطة تساعد على انحراف الشباب وزرع السلوك السيئ وحتى الجريمة، وإلا ما معنى أن تسأل المذيعة أحد الشباب في الشارع.. لو تزوجت حبيبتك من شخص غيرك.. هل سيصل بك الأمر إلى ارتكاب جريمة للدفاع عن حبك؟ أيعقل أن يكون هذا سؤالا يطرح في برنامج يشاهده عشرات الملايين من المشاهدين العرب.. ألا يعد هذا انحرافا للقناة عن أداء رسالتها الأخلاقية والتربوية الحقيقية، بما تعرضه من سخافات تثير النزعات والحس الإجرامي الانتقامي في أحط صورها، ما يشجع الشباب على التحلل من قيود وثوابت وقيم المجتمع، ومن ثم يؤدي إلى الاضطراب في القيم الأخلاقية.
ما أكبر العيوب التي توجه لبعض الفضائيات العربية الفاشلة التي تسعى إلى إفساد أخلاق الشباب، لكن دائما نرى هذا السؤال يتدحرج دون أن يقف عند جواب مقنع.

*كاتب بحريني