العدد 5421
الجمعة 18 أغسطس 2023
banner
رحم الله امرَأً عرف قدر نفسه
الجمعة 18 أغسطس 2023

وقعت بين يدي صدفة مجموعة قصصية للأطفال، لكن ليست لها أية علاقة بأدب الأطفال لا من حيث المضمون، ولا المحتوى، وتفتقد إلى التوجيهات والنصائح والعظات والحوار السلس المتقن. قصص حكايات وخرافات غريبة بعيدة عن عقل الطفل وذهنه، وتصدمك باللغة الركيكة والجو العام المقرف، ولا أعلم كيف سمح هذا الكاتب أن يقحم نفسه في عالم أدب الطفل الخطير الذي يتطلب لغة خاصة ورؤية في تقديم الخدمة الثقافية للطفل وتعليمه وإغناء حياته من جهة أخرى.
يقول هادي نعمان الهيتي في كتابه الشهير “أدب الأطفال.. فلسفته، فنونه، وسائطه”: (الأسلوب عنصر أساس في أدب الأطفال، لأن أي مضمون أدبي مهما كانت له من الأصالة أو القوة لا يمكن أن يؤثر في الأطفال ما لم يتوفر له الأسلوب الرشيق الممتع، لذا يقال إن أدب الأطفال يجب أن يقدم بأطباق من ذهب، إن المضمون الجيد يبدو مهترئا إذا قدم إلى الطفل بأسلوب ركيك مضطرب، أو إذا قدم مبهرجا بمحسنات بلاغية وبديعية.
أديب الأطفال كما هو معروف ينبغي أن يتعرف إلى جمهوره من الأطفال، أن يحيط بهذا العالم الغريب، رغم أن الإحاطة التامة تظل أمرا عسيرا، لأن ما يكتبه شكلا ومضمونا يخضع لطبيعة هذا الجمهور وخصائصه، ولا يكفي أن يتعرف الأديب إلى عدد من الأطفال، سواء كانوا أبناءه أو أبناء جيرانه، أو تلامذته، بل ينبغي أن يدرس جمهور الأطفال دراسة علمية معتمدا على ما توصل إليه رجال التربية وعلماء النفس في هذا المجال).
والأهم من ذلك من وجهة نظري أن من يكتب للطفل يكون مسؤولا مسؤولية وطنية وإنسانية لا يجوز له أن يسيء توظيفها واستخدامها، ولا يجوز له التفريط بها وبوسائلها ولغتها مضمونا وشكلا، وكما يقال رحم الله امرَأً عرف قدر نفسه، ومن لا يمتلك موهبة الكتابة للأطفال من الأفضل له أن يبقى في أوهامه التي تزين له أنه أصبح شاعرا معروفا.
* كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .