العدد 5422
السبت 19 أغسطس 2023
banner
قصة “الكلب المدفون”!
السبت 19 أغسطس 2023

يحكى في التراث القديم أنّ رجلاً دفن كلبه بمدافن أهل القرية، فثاروا جميعاً من فعلته، فذهبوا لحكيم القرية واشتكوا له ما فعله ذلك الرجل، فاستدعاه الحكيم في الحال، وسأله عن فعلته، فردّ عليه الرجل قائلاً: “ولماذا هم منزعجون مني؟! إنّها وصية كلبي، وكل ما فعلته أننّي نفذت وصيته”! فقال الحكيم غاضباً: “أتسخر مني أيها المعتوه؟!”. فقال الرجل: “العفو، لكنّ كلبي أوصاني بأنْ أدفنه بمقابر القرية وأنْ أعطيك ألف درهم”. وهنا استهلّ وجه الحكيم فرحاً وسروراً، وقال: “كم نظلمُ كثيراً بسبب تسرّعنا، لك الرحمة والغفران أيّها الكلب الوفيّ”! فازداد أهل القرية غضباً وحنقاً على الحكيم. فقال لهم: “تمهلّوا قليلاً، ومَنْ أخبركم أننّي لم أتحرَ عن الموضوع، لقد سألتُ وبحثتُ كثيراً واتضّح لي أنّه كلب ليس مثله أيّ كلب، إنه من سُلالة كلاب أصحاب الكهف”!
في هذه القصة التراثية القديمة، تلقى رمزية العامل الأخلاقي أهمية مُتعاظمة في مختلف الديانات السماوية بما يبدو عليه الخُلُق السيئ في مظاهر سوء الأدب والرذيلة، وما يترتب عليه من أقوال وأفعال قبيحة عقلاً وشرعاً تستوضع مكان الرؤية والتعامل بين الآخرين خلافاً للعقيدة التي تستوطن موطن القلب، حيث تتجلى بواعثه انحلالاً وانحطاطاً وفساداً أخلاقياً في حالات التدهور المتدني للمعتقدات والثوابت والانهيار المُتخلي عن الأخلاق والسلوكيات الحسنة، والتي سعت بدورها إلى تدهور المُجتمعات وتفكيك استقرارها وسط أجواء يفوح منها التعصب الأعمى وانتشار الجريمة وضعف الانتماء في ظل غياب الوازع الديني المتزن، وغصة النفس الخاوية، وزعزعة القيم الفاضلة، وانتشار الجهل المدقع، وتسميم المفاهيم والأفكار الهدامة.
* كاتب وأكاديمي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .