تظهر أعراضها في قلة احترام الذات وانعدام الثقة بالنفس، ودون تقبّل الذات وتوجيه الانتقادات المُبالغ فيها، وترجّي الثناء المُبالغ منهم، والابتعاد عن المُحيط الأسري والعائلي والأصدقاء والجيران والزملاء سيّما في المواقف الاجتماعية من أجل التقليل من شأن الآخرين في سبيل تعويض مشاعر النقص وقلة الانغماس خوفا من المقارنة بالآخرين، والتي تعود أسبابها المحتملة لإهمال الوالدين ودواعي التنمر والعنف الأسري والتجارب الاجتماعية السلبية والوضع الاقتصادي السيء ومظاهر الفشل والإحباط المُستشراة قبَال تحقيق الأهداف المتأملة وتدني القيمة الذاتية واحتقار الذات التي تترك آثارها الصحية والنفسية المؤثرة في صورة “سلوك انسحابي” وسط أجواء الإفراط في التعويض عن مشاعر تقبل الذات العكسية بأوجه تنافسية مبالغة قد تصل للعدوانية والتعنيف الضّار.
هذه الحالة النفسية المنتشرة عند عامة الشعوب العربية، التي يُعبّر عنها بعقدة “الخواجة”، وهي الفكرة التي تختلج في نفوس أصحابها بالحبّ لكل ما هو غربي ورفضهم كل ما هو عربي، بل والتقليل من كل ما هو عربي واستبداله بكل ما هو غربي، حتى أضحت ثقافة عامة بين الناس في أنواع المأكل وأشكال اللبس وطريقة الكلام وحركة المشي وحلاقة الشعر وغيرها لدواعي الدونية وتقليل الشأن، والتي تُلامس حدّ تفضيل الأجنبي على الوطني حتى في المنتوجات بمختلف أشكالها وأصناف استعمالاتها، بل وتصل عند البعض لدرجة التقديس والاحتماء تحت “المظلة الأجنبية” بأطياف عاداتها وتقاليدها الدخيلة المتناقضة في كثير من جوانبها للطبيعة البشرية السليمة، بأنْ تضع تلبية احتياجاتها الشخصية في آخر اهتماماتها لذات الإحساس الذي يُشعره بالانتقاص وانحدار المنزلة أمام هذا الغربي الأجنبي.
نافلة:
يبقى الشعور بالنقص والقصور والعجز - عضويّاً أو اجتماعيّاً أو نفسياً – بالغ التأثير بطريقة أو بأخرى على السلوك الإنساني وفق ما أفصح عنه النفسانيون، والذين أكدوا أهمية استبدال المُحبّطين بالداعمين الإيجابيين الذين يزيدون من إحاطة النفس بالكلمات المُحفزّة والأوصاف البنّاءة والعلاقات الصحية، والتي تقوم على النديّة وإجبار الذات على خوض المغامرات ومواجهة المخاوف العميقة، وتحسين جودة المشاعر والأفكار التي لا ضير من حينها إذا ما احترمنا حضارات وثقافات وعادات وتقاليد الأمم والشعوب الأخرى من احترام تاريخنا العظيم، وحضارتنا العريقة وثقافتنا الأصيلة، بعيداً عن سموم الانغلاق وحمّى التقوقع ومآسي التنكر للذات قبَالَ صنوف الخنوع والانبهار والمُشايعة للغربي الأجنبي.
* كاتب وأكاديمي بحريني