خلال الأيام الثلاثة التي تستضيف فيها حلبة البحرين الدولية سباقات الفورمولا 1، يعد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الموقر، أكثر شخصية يسعى الإعلام الرياضي البحريني للالتقاء بها، والاستماع إلى كلمات سموه المفعمة بالأمل والطموح والثقة المطلقة بكفاءة العنصر البشري البحريني.
وفي الواقع فإن مهمة التقاء الصحافيين الرياضيين وغير الرياضيين بسمو الأمير سلمان بن حمد ليست بقدر كبير من الصعوبة في الأيام التي تستضيف فيها حلبة البحرين إحدى جولات بطولة العالم للفورمولا 1؛ ذلك أن سموه يحرص على زيارة الحلبة خلال هذه الفترة، وتحديدا منطقة “البادوك” التي تعد مركز عمليات السباق، حيث يتبادل سموه الأحاديث مع مسؤولي الاتحاد الدولي وفرق الفورمولا 1، وكلما سنحت الفرصة يلتقي بالصحافيين الموفدين من الصحف المحلية لتغطية الحدث العالمي، ويتحدث معهم بلطفه المعتاد.
إنه مشهد تكرر كثيرا خلال الـ 19 سنة الماضية، ولكنه في كل مرة يأخذ طابعا مختلفا، حيث إن هواجس الإعلام المحلي تتغير على حسب التطورات، ولكنها تتمحور حول مستقبل الفورمولا 1 في مملكة البحرين، لذلك نقوم بنقل هذه الهواجس بعفوية إلى سمو الأمير سلمان بن حمد، وهو خير من يجيب على هذه الهواجس، بوصفه صاحب الفضل الأكبر في دخول سباقات الفورمولا 1 إلى منطقة الشرق الأوسط، فقد أرسى سموه دعائم هذه الرياضة الميكانيكية في الخليج والمنطقة مطلع الألفية الثانية عندما اعلن عن بناء حلبة البحرين الدولية.
وعندما استضافت مملكة البحرين سباق الفورمولا 1 للمرة الأولى، وسط ترقب عالمي لكيفية ظهور السباق التاريخي وما يفرضه من تحديات على البلد المضيف، استحضر مقولة خالدة لسمو الأمير سلمان بن حمد سوف أذكرها في هذا المقال، لكنني قبل ذلك، سأحاول وصف الحالة الشعورية التي كنا عليها آنذاك.
من المعروف أن العمل لبناء حلبة البحرين الدولية بدأ يوم 8 نوفمبر العام 2002، واستمر لمدة 485 يوما، وكان تحديا مع الزمن، فقد تم تسليم المشروع قبل شهر واحد من موعد انطلاق السباق الأول في منطقة الشرق الأوسط في العام 2004 بعد أن وقعت البحرين اتفاقية مع الاتحاد الدولي ورابطة حقوق الفورمولا 1؛ للحصول على حق التنظيم قبل أقل من 3 سنوات، وأتذكر يومها أن الجميع كان منبهرا، بالتحفة المعمارية وسط صحراء الصخير، التي أصبحت بؤرة لاهتمام العالم، لكن المناخ الصحراوي فرض نفسه تحديا جديدا على الرياضة المعتادة على الأجواء الأوروبية الباردة، وكان هذا أكثر شيء يشغل الفرق والقيمين على الفورمولا 1، والتي نقلها الإعلام العالمي عبر تساؤلات تتمحور في هذا الإطار: كيف ستصمد المحركات والإطارات أمام لهيب الشمس المحرقة وسط الصحراء؟ هل سيستمر السباق حتى النهاية؟!
وفي الجهة المقابلة، كان سمو الأمير سلمان ينظر إلى المستقبل، إلى أبعد من تلك التحديات الصحراوية، فالموضوع لا ينحصر في صعوبة تكيف الفرق مع الطبيعة المناخية المختلفة، وإنما في قابلية منطقة الشرق الأوسط في أن تتحول إلى معبر لرياضة الفورمولا 1 ومنها إلى بقية أجزاء قارة آسيا التي لم تكن تعرف غير حلبة سيبانغ الماليزية قبل 23 سنة!
وهذا ما يبرر تصريحات سمو الأمير سلمان عندما بدأت مشروعات الحلبات تترى على منطقة الخليج العربي وقارة آسيا، وبدأت الهواجس تتحدث عن مستقبل الفورمولا 1 في البحرين، فكان سموه يقول حينها: إن وجود أكثر من حلبة في المنطقة يضمن ديمومة الفورمولا 1 في مملكة البحرين، مبديا استعداد البحرين لتسخير كل خبراتها لمساعدة الدول الراغبة في تنظيم سباقات الفورمولا 1، وحصل ذلك مع دولة عدة من ضمنها الهند وأذربيجان وأبوظبي والسعودية وغيرها.
لقد نجحت البحرين خلال العشرين سنة الماضية بالفعل في أن تكون معقلا للفورمولا 1 في قارة آسيا، وأن تتمتع بنفوذ واسع على مستوى العالم في هذه الرياضة بكل ما تحمله من مكتسبات اقتصادية وإعلامية، فهي الشريك الاستراتيجي الذي ساهم في انتشار هذه الرياضة في منطقة أصبحت اليوم تعج بحلبات الفورمولا 1 بعد أن كان مجرد التفكير في الموضوع ضربا من الخيال!
هكذا قادني الخيال، خلال الاستقبال الذي حظي به رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية الصحفيين البحرينية يوم أمس من لدن ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بقصر الرفاع الزاهر، ليحيط الصحافة البحرينية بالعناية والرعاية والاهتمام كما عودنا سموه الكريم، فله جزيل الشكر والتقدير والعرفان على جهوده الوطنية المخلصة.