عاشت فرجينيا وولف أسوأ فترات حياتها حين أركع هتلر بريطانيا بالحملات العسكرية والقصف المرعب، لكن في تلك الفترة التقت فرجينيا الكاتب ليونارد وولف فانتهى الحب الدافئ بينهما بالزواج سنة 1912م، وكان وفاء فرجينيا وولف لزوجها تتويجا لعشق أدى إلى اعتزال ليونارد وولف الكتابة والاختفاء للأبد بعد نوبات البكاء التي كان يمر بها والتي كتب عنها ولم يفصح بها لزوجته، لكن انتهت القصة الجميلة بموت فرجينيا التي توقعت أن رحيلها سيكون اسقرارا وسعادة لزوجها حتى لا تزعجه من نوبات الصرع التي تأتيها ليلا، وكان ذلك القرار بالنسبة لها أكثر القرارات اتزانا.
وقد تفاجأ المجتمع الإنجليزي وصدم عندما ظهر عنوان لخبر انتحار الكاتبة الشهيرة فرجينيا وولف، وكان قاع نهر أوسي الفصل الأخير لإسدال الستار على أجمل قصص الحب لكاتبة في القرن الماضي، حيث كان ذلك النهر مرقدها الأخير حين ألقت بجسمها المثقل بالأحجار التي لملمتها من أطراف بيتها الريفي في منطقة سوسيك، وقد امتلأت جيوب معطفها البني بتلك الأحجار، وفي جلسة لبعض الأصدقاء من المفكرين والمثقفين أصبح لدينا إجماع على أن أسلوب فرجينيا سيلغي أسلوب الكتابة التقليدي الذي ساد في خمس وعشرين سنة الماضية، لأن من يقرأ لها وما بين حروفها المتنقلة كعزف على سيمفونية كلاسيكية سيجد أدبا عميقا يستفز كل المشاعر المداعبة للضمير الإنساني، وقد أطلقنا عليها ما قاله عنها معاصرو حقبتها الكتابية والزمنية كحالة تميزت بها وهو تيار سمي بـ “الوعي والتداعي الحر”.
نعم.. إنني أشتاق لذلك المقهى الثقافي الجميل الذي قرأت فيه أنواع الأدب الغربي والروسي في عيون بائعات الورد، وكأنني أحمل ظفائرهم الصفراء لأطرز منها قصصا وحكايات، وهناك كتبت الكثير وتعلمت أيضا من “فرجينيا وولف” أن الكتابة ليست كالسرد المخادع، رحلت فرجينيا ولم تلتفت خلفها وعلمتني أن “سحر المدن يظهر في أقلام غربائها” وهذا الأمر لم أعرف سره إلى الآن.
كاتب وأديب