العدد 5393
الجمعة 21 يوليو 2023
banner
معركة الفصحى بالعامية
الجمعة 21 يوليو 2023

عندما سألت الصديق المسرحي الألماني من أصول مغربية فتاح دويري خلال مهرجان المسرح العربي في دورته الأخيرة بالدار البيضاء عن أفضل لغة نتحدث فيها على خشبة المسرح، الفصحى أم العامية والدارجة، أجاب.. لكل لغة شاعريتها وجمالها، والمسرح يقدم بكل لغة، فصحى أم دارجة، بينما يرى مواطنه المخرج محمد الحر أن اللغة العامية هي اللغة المفضلة عند الشعوب، خصوصا في الأعمال المسرحية، فإذا كان الشعر وسيلة للتعبير عن الأحاسيس وسبيلا للتخلص والتخفيف من المشاعر وراحة ومعاناة.. كل هذا في وقت واحد، فإن اللغة العامية روح المسرح.
إشكالية اللغة المستخدمة في المسرح، إشكالية قديمة متجددة، فمثلا رفض توفيق الحكيم الاعتراف بوجود لغة منفصلة مستقلة اسمها العامية، وهو يريد أن يقول للجمهور والكتاب المسرحيين.. إننا بقليل من حسن النية وقوة الإرادة نستطيع تدريجيا أن نرتفع بأسلوب تخاطبنا العادي إلى مستوى تضيق فيه الفروق بين الكتابة والتخاطب، كما هو حادث في اللغتين الفرنسية والإنجليزية. 
إن الهوة ليست سحيقة إلى الحد الذي يبيح شطر اللغة الواحدة شطرين وجعلها لغتين، وفي مسرحية الورطة طبق نظريته، فلغتها هي لغة التخاطب العادية في حياتنا اليومية، آخذين في الاعتبار وجود بعض المفردات المصرية، لكنها مع ذلك قريبة إلى العربية الصحيحة، وعند التمثيل لن تحتاج إلى الترجمة لما يسمى بالعامية، ولذلك لن يكون هناك نصان للمسرحية الواحدة، والأمر المهم هو القضاء على ازدواج النص، وعلى الازدواج اللغوي في كتابة الحوار العصري.
وهناك من يرى أن التخبط في استخدام لغتين، فصحى وعامية، بل عاميات متعددة بتعدد الأقطار والمناطق، يؤدي إلى اضطراب في ثقافة المتفرج المحايد بالمسرح، لأن السينما شقت طريقها باستخدام العامية، وبقي المسرح يتأرجح بين الفصحى والعامية.
الفنان نور الشريف رحمه الله كان يعتبر الفصحى، نبراس هداية ومناط اعتزاز، والمسرح لا يرتقي إلا بها.
كاتب بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية