العدد 5391
الأربعاء 19 يوليو 2023
banner
السويد والمقدسات.. أنوار تعمي
الأربعاء 19 يوليو 2023

من بين القضايا المهمة للغاية التي أفرد لها الفيلسوف الفرنسي اليساري ريجيس دوبريه صفحات أحد كتبه والمعنون بـ “الأنوار التي تعمي”، مسألة العلمانية الغربية، وكيف أن الغرب ذهب في شطحاته إلى أقصى اليسار، بينما دول أخرى مضت إلى الإغراق في اليمين الديني، كما الحال في الولايات المتحدة الأميركية.
في مقدمة كتابه يلفت دوبريه إلى بروز عدة ظواهر اجتماعية جديدة تدل بمجملها على نوع من استقالة الذكاء، ويؤكد على أنه تجري عملية تزييف وتضليل كبيرة ضد أفكار عصر التنوير، لكن باسم هذه الأفكار تحديداً، ثم إن شعارات كبيرة يتم رفعها باسم “العلم والعدالة والحرية”، غير أنه يكفي التمعن في تلك الشعارات عن قرب، كي يراها المرء على حقيقتها، وما يؤكده دوبريه أن الشعارات لا تكفي، والاحتماء وراء أفكار التنوير من أجل كسب المعارك الراهنة لا يفيد، إنما ينبغي التأقلم مع معطيات العصر، إذ لا يمكن لأي إنسان أن يقفز فوق زمنه، حسب تعبير ريجيس نفسه. ولعل أفضل من ناقش تحولات المفكر الفرنسي ريجيس دوبريه الإيديولوجية في هذا السياق، كان المفكر السوري الأصل الفرنسي الجنسية، هاشم صالح، والذي يرى أن ما يدينه المؤلف في كتابه ليس الأنوار بحد ذاتها، إنما الصورة القدسية الإطلاقية، التي شكلها الفرنسيون عنها، سيما أنها أصبحت اليوم، صورة متكلسة ومتحجرة بمرور الزمن، كما يحصل لأي تراث ثقافي عندما ينجح وينتصر. وملاك القول إن ريجيس دوبريه، يفرق بين التنوير العميق على طريقة جان جاك روسو، أو كانط، والتنوير السطحي على طريقة فولتير أو بالأحرى “الفولتيريين ضيقي الأفق”.
لا يهاجم دوبريه إلا التنوير الثاني، وفكرته الأساسية تذهب إلى التالي: “إنه تنقصنا المنهجية الموازنة التي تعرف كيف تصالح بين المتضادات، فنحن لا نريد عقلانية جافة سطحية تستبعد الدين كلياً بحجة أنه ظلاميات، ولا نريد أصولية متعصبة تكفر الآخرين، وتدعو إلى ذبحهم”.
وعليه فإن دراسة الدين أو الاهتمام به لا يعني أنك أصبحت شيخاً أصولياً متعصباً مكشّراً عن أسنانك، وفي المقابل يتساءل المرء لماذا تمنعنا العلمانية المتطرفة من تدريس الدين في المدارس كظاهرة ثقافية وتاريخية كبرى؟ (اقرأ المقال كاملاً في الموقع الإلكتروني).
* كاتب مصري خبير في الشؤون الدولية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية