العدد 5388
الأحد 16 يوليو 2023
banner
الدكتوراه يوم من عمري
الأحد 16 يوليو 2023

بعد سنوات من الكفاح والعمل ليلا ونهارا، كان يوم الحادي عشر من يوليو ٢٠٢٣ يوما من أيام عمري الجميلة، لم تكن أمي معي للمرة الأولى، ولم تأخذني بحضنها هذه المرة، أمي التي كانت منذ سنوات طويلة أما وأبا في نفس الوقت. في ذلك اليوم المشهود ناقشت أطروحة الدكتوراه التي عملت بها منذ سنوات تحت إشراف الأستاذ القدير الدكتور المصطفى منار، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية - سلا، وبرفقة أساتذة عظام في جامعة محمد الخامس بالمملكة المغربية الشقيقة التي أحبها كبقعة غاية في الجمال والروعة بريفها وحضرها واستقرارها وتقدمها في عهد جلالة الملك محمد السادس صاحب نهضتها وتميزها في العصر الحديث، سواء في التعليم أو الصناعة وبناء الإنسان المغربي.
تحت عنوان "النظم السياسية لدول الخليج العربي والاستقرار السياسي.. دراسة مقارنة"، قضيتُ سنوات من البحث في هذا الموضوع لأقدم شيئا مفيدا لمكتبة بلدي الذي أحبه والذي أخذت منه الكثير، كامرأة في العهد الزاهر لجلالة الملك المعظم حمد بن عيسى آل خليفة، وما حصلت عليه من رعاية من صاحبة الأيادي البيضاء على المرأة البحرينية سمو الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة رئيسة المجلس الأعلى للمرأة.
زوجي الغالي "بو خليفة"، صاحب الفضل علي، لم يكن أيضا معي لظروف مرض أمي ومراعاة أولادي، لكنه كان دوما معي عونا وسندا لي سنوات طويلة ولابد أن أشكره أمام الجميع، وتحديدا أمام أولادي الذين أتمنى لهم علماً يفوق علمي. قلتُ إن أمي لم تكن بالقاعة معي في ذلك اليوم، أمي التي لم أجد لغة على الأرض تصف حضنها وعطاءها على مر السنين. بيد أنني وجدت في داخل قاعة المناقشة دفئا وطيبة - ما بعدها طيبة - في نساء المغرب ذوات الخلق الرفيع، اللواتي شاطرنني مشاعري، وشعرتُ معهن، وكأني لم أغادر البحرين، فبمجرد ما أعلنت النتيجة، حتى جاشت القاعة بالتصفيق والزغاريد التي انبثقت من صميم أعماقهن، إنها المرأة المغربية التي وجدتُ فيها الأخت واليد الحنون، والعون وقت الشدة. 
كما كان معي أعضاء السفارة البحرينية بالرباط الذين جعلوني أشعر وكأن البحرين كلها قد انتقلت إلى هناك لتحضنني وتدعمني.
وفاضت دموعي فرحا عند اللحظة الحاسمة التي أعلنت فيها اللجنة نتيجة كفاح السنين وهي حصولي على درجة الدكتوراه "مشرف جدا"، مع توصية بالنشر، وما ضاعف أسباب فرحتي واعتزازي بها أنني حصلتُ عليها بإشراف أساتذة عظام من دولة عربية شقيقة في جامعة عريقة هي جامعة محمد الخامس بالرباط، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية - سلا، وتضم قائمة الشرف التي سأتذكرها طوال عمري، وأدين لها بالفضل الكبير: الدكتورة جميلة دليمي، رئيسا، الدكتور المصطفى منار، مشرفاً وعضوا، الدكتور أحمد بودراع، عضوا، الدكتورة نوال بهدين، عضوا، والدكتورة نوال جامع، من كلية العلوم القانونية والسياسية بالقنيطرة، عضوا. 
كان ذاك يوما مفصليا في حياتي، اشتغلت ُعليه سنين طوالا، دون يأس أو استسلام، "وما أضيق العيش، لولا فسحة الأمل". 

كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية