العدد 5377
الأربعاء 05 يوليو 2023
banner
جيل الهشاشة
الأربعاء 05 يوليو 2023

بعد عقود طويلة من التعليم يجد المعلمون أنفسهم غير قادرين على النهوض بأنبل مهمة على الإطلاق، ذلك أنهم يواجهون أجيالا مختلفة من الطلبة أو ما بات يسمى بجيل “الهشاشة النفسية”، والظاهرة ليست مقتصرة على قطر دون غيره، لكنها تشمل جميع الأقطار العربية، وبداياتها حسب عالم النفس إسماعيل عرفة منذ ما يقارب عقدا من الزمن، وتزامنت مع مجموعة من المتغيرات في المنطقة، ومع الانتشار الهائل لوسائل التواصل الاجتماعيّ، ولعل أبرز ملامحها غياب القضايا الكبرى واكتفاء كل شخص بالتمحور حول ذاته، وبناء شخصيته وحياته كفرد.
الظاهرة المذكورة لم تنل حقها من البحث والمعالجة، وعدها البعض نتاجا طبيعيا للظروف المعاصرة التي من الصعب مواجهتها، فضلا عن التصدي لها حتى تحولت إلى إعصار.. أجيال الهشاشة كما وصفتهم أستاذة علم النفس الأميركية “جين توتنج” يتعرضون لمشاعر التدليل فصارت نفسياتهم قابلة للكسر، والمؤسف أنّ هؤلاء يكبرون أقل تسامحاً وأقل سعادة، وغير مؤهلين لمرحلة الرشد (الشباب)، والقلق على مستقبلهم لم يعد مقتصرا على المربين في حقل التربية والتعليم، لكنه بدرجة أكبر على الآباء والأمهات وكل أبناء المجتمع. والملاحظ في واقعنا التربوي أنّ نسبة ليست قليلة من الطلبة يتصرفون برعونة وقلة احترام للمعلمين، وفي تصورهم أن الأنظمة واللوائح تتيح لهم مثل هذا التصرف اللاأخلاقيّ، بالطبع نحن مع مواكبة أساليب التربية الحديثة في ميدان التربية والتعليم، وبدون تردد، لكن لا يعني هذا أن ما يجري أمامنا من انفلات أخلاقيّ بعيدا كل البعد عن التربية والأخلاق. إنّ المعلمين لم يصدر من أحد منهم ما يخالف الأنظمة والقوانين، لذا فإنه من المستغرب جدا أن تأتي اللوائح التي تصادر حقهم في ممارسة مهماتهم كمعلمين ورجال تربية، وهنا لابدّ أن يرد لدى البعض ما كان يمارس من تربية قبل عقود وتنشئة للأجيال، فبالرغم مما كان يؤخذ على البعض في تلك السنوات من إفراط في العقوبة إلا أنّ أجيال اليوم تكن لهم التبجيل والاحترام.
بقي أنّ نذّكر الآباء والأمهات بأنّ الأخذ بالتربية الحديثة لا يعني الإفراط في التدليل، كما حذّر أحد الدعاة من أنّ أغلب الناس يرفع عنهم آباؤهم جميع التكاليف، وكل همهم أن ينجحوا لا أكثر.
* كاتب وتربوي بحريني

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية