لطالما تشدقت علينا الدول الغربية بديمقراطيتها المزعومة، والأدهى من هذا أنهم يتقنون دور المعلم الذي لم يفهم مادته جيدا، لكنه في المقابل تراه يبذل قصارى جهده ليقنع المستمع بذلك. ما يصدر عن تلك الدول من تناقض في الكثير من المفاهيم البشرية لم يعد مستغربا ولا مستنكرا؛ لشيوعه وتكرره. ولعل رعاية دولة السويد لحرق القرآن الكريم مؤخرا خير شاهد على زيف الديمقراطية التي يدّعون. وما يزيد انزعاجي هو ما ألاحظه من تفنّن بعض من يزور بلدانهم في اختيار مفردات الإعجاب بديمقراطية تلك الدول، وما هذا الذي يقال على سبيل الافتتان المتناهي إلا صور ذهنية يخيّلُ لقائلها والمروّج لها جمالها وحقيقتها، وما لها في الحقيقة موضع قدم، ولا يصدّقها الواقع، ولا تشهد لها الوقائع والأحداث بالخير.
إن ما ترعاه السويد وغيرها ممن يحذو حذوها لهو وصمة عار عليهم وعلى من سلك سبيلهم وصفّق لادعاءاتهم المتكررة الكاذبة بأنهم يحترمون الآخرين، ويقفون عند حدود الحريات، فلا معنى لتشدقهم المقزز بهذه الصورة التي ظهر زيفها وبات مكشوفا دون جهد. عزيزي القارئ، لك أن تتصور أن الطفل وهو في الصف الثاني الابتدائي بمقدوره في تلك الدول الرافعة للواء الحرية أن يغير اسمه، بل ويمكنه أن يغيّر جنسه، وذلك دون علمٍ من ولي أمره، هذا ما صاح به أحد السياسيين في الغرب متألما من الواقع الذي وصلوا إليه اليوم. لقد علّق الصحافي البريطاني الشهير بيرس مورغان في برنامجه uncensored على فيديو منتشر في بريطانيا لطالبٍ عرّف نفسه بأنه قطة! عندما سأله معلمه عن طموحه وما يريد أن يصبح في المستقبل، وعندما سخر بعض الطلاب من هذا الوصف؛ وبّخهم المعلم أشد توبيخ! وذلك تحت لواء حفظ الحريات وآراء الآخرين، واحترام ما يرغبون فيه حتى لو كان هبوطا عن مستوى الإنسانية السامي. هذا يحدث الآن في دول الغرب وسط ضياع للهوية الذاتية المحددة!
يا بلدان الحرية المزيفة والديمقراطية المدّعاة.. لقد ملّ العالم من زيفِ ما تدعون وفساد بضاعتكم التي لها تروجون، ومهما حاولت الإنسانية الارتقاء فلن ترتقي بغير منهج خالق الكون، الخبير بما خلق، العليم بكل ما قال له كن فكان، وسيبقى كتابه الكريم النور المطلق والوحيد الذي نستمدُ منه منهج الحياة القويم، وسيظل النبي الكريم - صلى الله عليه وآله - سيد البشر وخيرهم من الأولين والآخرين، وهداية للبشر، وما عداه ضلال وباطل.
* كاتب بحريني