العدد 5373
السبت 01 يوليو 2023
banner
منع مظاهر التباهي بالثراء عبر وسائل التواصل
السبت 01 يوليو 2023

من بين أكثر المشاهد استفزازًا والتي تعج بها مواقع التواصل الاجتماعي، عندما نجد مشاهير هذا العصر يعرضون ثرواتهم ويتباهون بما لديهم من مظاهر شتى من هذه الثروة، في الوقت الذي يعرفون فيه قبل غيرهم صعوبة الأوضاع المادية ومدى القسوة المعيشية للسواد الأعظم من أبناء مجتمعهم الذين يكافحون ويعملون ليلا ونهارا ويبذلون جهدا كبيرا لتوفير الحد الأدنى من لقمة العيش لأسرهم، بينما هؤلاء “المشاهير” يجنون هذه الثروات من أعمال لا تتطلب بذل ذات الجهد، بل وتعد بنظر الكثيرين مهنا تافهة، ولا يبالون بحال غيرهم ويصرون على تكثيف وتنويع ظهورهم الفاخر وحياة البذخ التي يعيشونها، وهو أمر ينم عن انعدام الشعور بالغير والإحساس به، كما قد يؤدي للأحقاد والعداوة بين أبناء المجتمع الواحد.
لهذا كانت خطوة موفقة تحتاج إليها الكثير من الدول عندما قررت الحكومة الصينية مؤخرًا ووفق تقرير لمجلة التايم الأميركية منع المواطنين الأثرياء من التباهي بمظاهر ثرائهم عبر مواقع التواصل، وذلك لتقليل نسبة الفجوة الهائلة في الثروة داخل البلاد عبر مواقع التواصل، وقد أدركت الشركات المالية أهمية مثل هذا القرار فطلبت من موظفيها الذين يتقاضون بالتأكيد رواتب عالية ويتمتعون بمستوى معيشي مميز التخفيف من حدة التباهي بثروتهم استجابة لتوجيهات الحكومة.
الحقيقة أنها مواجهة متواصلة بين السلطة والعديد من المظاهر السلبية التي تنتشر بوسائل الإعلام والتي تعمق الفجوة بين الأثرياء والفقراء بدأت عام 2013 بحظر الإعلان عن المنتجات الفاخرة على القنوات الإذاعية والتلفزيونية الحكومية، ومن بين خطواتها ما قامت به الحكومة الصينية عام 2021 بإزالة آلاف المقاطع المصورة التي تبرز مظاهر الثراء الفاحش لفئة من المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
صحيح أن مراعاة شعور الآخرين وعدم إيلامهم بمثل هذه التصرفات غير المسؤولة أمر نابع من الذات ويعكس أخلاق الشخص، إلا أنه عندما ينتفي ذلك عند الكثيرين فالأمر بحاجة بالفعل لقرار سلطوي رادع ومانع لانتشار فيديوهات لا تحمل خيرا ولا نفعا، بل باتت تمثل بؤرا للانفجار المجتمعي والصدام والتفرقة بين أبناء المجتمع الواحد.
*كاتب مصري

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .