النجاح ليس ضربة حظ كما يتصور الكثيرون، لكنه ضريبة باهظة دفع ثمنها الناجحون من أعمارهم عرقا وشقاء وتضحية بلا حدود. أمامنا هنا نموذج لأحد الرجال المكافحين في ميدان العمل التجاري، استطاع أن يؤسس واحدة من أنجح المؤسسات التجارية في مملكة البحرين، إنه الحاج ميرزا الحلِّي صاحب ومؤسس أسواق الحلِّي التجارية.
بدأ حياته صبيا يعمل في الزراعة وبيع المحصولات الزراعية، ثم عاملا في سوق المنامة، كما عمل لبضع سنوات في بيع “الكاز”، قبل أن يتوجه لبيع المواد التموينية، والتي حقق فيها نجاحا كبيرا لمثابرته وصبره. في الكتاب الذي وثق سيرة حياته، والذي أعده الباحثان الأستاذ صالح عبدالرضا والدكتور وسام السبع، تضمن عرضا لسيرة المكان والطفولة المعذبة والبدايات الصعبة ثم خطوات تأسيس أسواق الحلي، واختتم بشهادات لعدد من عارفيه وأبنائه وبناته. في حفل التكريم تجلت لمسات الوفاء بأروع معانيها والعشق الذي لا نظير له، شاهدنا حجم الفرح الذي غمره وهو يستمع الكلمات التي قيلت بحقه من رفاق دربه، وكان في منتهى السعادة وفي قمة الفرح الغامر، وكان أشبه بالعرس الجميل. إنّ التكريم يليق بهؤلاء الرجال المكافحين نظير تضحياتهم بلا حدود، حيث استطاع هذا الرجل بإقدامه وطموحه ومثابرته أن يجترح قصة نجاح استثنائية، لا نبالغ إذا قلنا إنّ أبناءه وبناته ورفاق دربه كانوا مصدرا عظيما ومدهشا من مصادر الجمال والبهجة في حياته.
يعزو الحلِّي الفضل في نجاحه إلى الله سبحانه وتعالى، ثم إلى أنه كان ابناً بارا بوالديه وتحمل في هذا عناء فاق حدود التصور، ثم إلى رفيقة دربه الراحلة التي ألهمته وساندته منذ أن كان المشروع فكرة حتى أصبح مؤسسة كبيرة ومنتشرة، ما كان يؤلم هذا الإنسان في يوم تكريمه هو غياب ملهمته، بيد أنها كانت حاضرة في ذاكرته. لم يفقد الأمل يوما في حياته وهذا واحد من أسرار النجاح كما يقول. لقد كانت الكلمات التي سطرها رفاق دربه وأبناؤه معبرة ولامست شغاف الروح، وهذه إحدى بناته “افتخار” عبّرت عن والدها بالقول “أكاد أجزم بأنه كان مثالاً للأب الحنون الذي لم أسمع منه قط أية كلمة تجرح مشاعري أو توبخني، بل كان يهيل علينا عبارات الحب والمديح”.
كاتب وتربوي بحريني