العدد 5353
الأحد 11 يونيو 2023
banner
أنا و“مولانا”!
الأحد 11 يونيو 2023

كنت أقلب صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، فإذا بي أرى مقطعا من إحدى الحلقات التي تبثها القنوات الفضائية، أثار المقطع فضولي وشد انتباهي، خصوصا أنه كان اتصالا هاتفيا من زوج غاية في الأدب يتحدث إلى شيخ بلباس ديني يسأله عن موقفه من زوجته التي تزوجها منذ ثلاث سنوات، ثم فجأة ظهر ابن خالتها المغترب في الخارج منذ ٣ أسابيع فقلبت موازينها وطلبت منه الطلاق! لم يكمل الزوج حديثه وإذا بالشيخ الذي كان يناديه الشاب المتصل بـ “مولانا” يصرخ فيه مقاطعا “طلقها طلقها فورا دون تردد!”، ما أدهشني أن مذيع الحلقة أكمل قائلا “يا فلان هل سمعت طلقها.. شكرا”.
كررت المقطع مرارا مصدومة حقيقة مما أرى أمامي! رجل دين يصدر حكما بخراب بيت في أقل من ٣٠ ثانية، لم يسأل رجل الدين عن أحوال العائلة في الثلاث سنوات الماضية، لم يسأل هل لدى الرجل أطفال أم لا! لم يسأل ما علاقة الزوجة بأهلها وابن خالتها، فمن الممكن أن الزوجة تعيش أوهاما في مخيلتها لا علاقة لها بالطرف الثالث أساسا! أو أنها مشوشة من أحد أطراف العائلة، لم يسأل إن كانت العلاقة بينهما مستقرة ولأي مدى! لم ولم ولم ولم!
من وجهة نظري، إن اتصال الرجل كان محاولة للتمسك بطوق نجاة له ولعائلته، لكن رد “مولانا” أغرق السفينة كاملة! فلماذا يقدم شاب على الاتصال وهو في يده عقدة النكاح، ويستطيع أن يطلقها بسهولة، لكنه ود أن يسمع رأيا مغايرا، ود أن يلتمس فتوى مدروسة وليست فتوى في ٣٠ ثانية أو أقل بخراب البيت وهدم عش الزوجية! كيف يسمح لشخص يلبس عباءة الدين أن يخرب بيتا كاملا ويهدم أركانه في ٣٠ ثانية دون سؤال أو استفسار حقيقي، كيف لنا نحن كشخوص أن نرتكن على أعمدة مائلة يختلف ظاهرها عن باطنها، فليس كل من ارتدى عمامة أو جبة أو عباءة أصبح رجلا للدين، فمفهوم الدين أجدر وأعمق ويستحق منا أن نبحث فيه بشكل أكثر ملتجئين لمن هم أحق منا وأفهم وأكثر تبحرا في علوم الدين والفقه الواسعة.
كان الله في عون الشاب وكان الله في عون الأمه من أمثلة لا تسمو ولا ترقى لمستوى الدين الإسلامي الراقي وتعاليمه الفذة وانسيابيته التامة وحدوده الواضحة.

*كاتبة وأكاديمية بحرينية

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية